Al Jazirah NewsPaper Monday  11/08/2008 G Issue 13101
الأثنين 10 شعبان 1429   العدد  13101
الحبر الأخضر
عبدالله الرخيص
أ. د. عثمان العامر

في مساء يوم الثلاثاء 12-7-1429هـ جاءتني رسالة على الجوال من رقم لا أعرفه ولم أشرف بالتعرف على صاحبه حتى الآن، نصها: (أجرى أخونا عبدالله الرخيص عملية جراحية ناجحة بفضل الله لزراعة النخاع الشوكي في ألمانيا.. لا تنسوه من صالح دعائكم) بصدق تأثرت لهذه الرسالة كثيراً، وهزني هذا الخبر، حاولت الاتصال على الرقم الذي بُعثت منه الرسالة ولكن بلا

فائدة. أرسلت إليه رسالة دعاء عاجلة، وفي نفس الوقت اتصلت على من أعرف محاولاً الوصول إلى تفاصيل أكثر عن حالة الأخ الفاضل المهندس (عبدالله الرخيص) واستقرارها، ولكن بلا جدوى. كنت حينها في الرياض ولاحظ مَن معي في ذلك المساء قلقي واهتمامي وتغير ملامحي ووضعي النفسي منذ قراءة الرسالة، وهو مع قربه مني وصداقتنا الطويلة جداً لا يعرف من هذا الرجل الذي أقلقني شأنه، وربما لم يسمع به من قبل، قال لي متعجباً: ومن هذا الرجل الذي أثر بك كل هذا التأثير مع أنني لم أسمع عنه من قبل ولم تذكره عندي لا من قريب ولا من بعيد، وليس جديداً أن تتلقى عبر الجوال أخبار مثل هذا النوع (مرض أو موت أو حادث أو لا سمح الله من أقدار الله المؤلمة المتعددة والمتنوعة)؟، رددت عليه - وأنا سابح بالتفكير العميق في هذا الرجل الذي يجبرك أن تحبه وتعجب به - قائلاً: سبحان الله هناك أناس قد لا تكون مرتبطاً بهم بصداقة خاصة أو علاقة دائمة ومسار حياتهم يختلف عن مسار حياتك تماماً ومشاغلهم تبعدهم عن أقرب الناس إليهم، ولكنهم مع كل ذلك حاضرون في الذاكرة دائماً تسعد لسعادتهم وتحزن لما يصيبهم وتشعر بأنك منهم وهم منك؛ فهم من أقرب الناس إليك بأرواحهم بمشاعرهم بأحاسيسهم، وأن بعدت أجسادهم، (فالأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تنافر منها اختلف)، وعبدالله الرخيص من هذا النوع من الرجال.. لقد عرفته متميزاً خلقاً وعلماً وفكراً وشاعرية و... منذ كنا طلاباً في المرحلة الثانوية، وتفرقت بنا بعد ذلك سبل الحياة المتعددة والمتعرجة، وإن كنت أسمع أخباره بين الفينة والأخرى من هنا وهناك، وأسرّ وأحزن له حسب تقلبات الأحداث وتصاريف الزمن، حتى كان قرب ميلاد مدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد الاقتصادية في منطقة حائل إذ حضر بصفته رئيساً لمجلس إدارة شركة (ركيزة القابضة) مع مجموعة من رجال الأعمال والاستثمار عند صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز أمير منطقة حائل، وكنت ضمن المدعوين لهذا الاجتماع، وإذ بي ألتقي بهذا الرجل وجهاً لوجه بعد كل هذه السنوات الطويلة، وبحق وجدته كما كان قريباً من القلب مبتسماً متفائلاً صادق التعبير حريصاً على تقديم كل شيء لهذه المنطقة القريبة إلى قلبه التي كثيراً ما حركت الشاعرية لديه وأثارت الأشجان الحارة فيه، ولا عجب فهو أحد أبنائها البررة ومن عائلة حرية بمثل هذا العطاء المبارك الذي أسأل الله أن يدوم وأن يطرح الله فيه البركة، يجيد فن الإقناع ويحاول مد اليد للصادقين المخلصين من أجل مستقبل أفضل لهم شخصياً ولوطنهم من خلفهم، يعجبني فيه عصاميته وجديته وصبره وصدق توكله على خالقه ومولاه واعتماده - بعد الله - على نفسه وما يمتلكه من مهارات وقدراته؛ فهو من القلائل الذين يجيدون فن بناء الذات، ويملكون القدرة على تقبل الصدمات، كما أنه يتميز بحرصه التام على إتقان العمل الذي ينبري له.. إنه باختصار قصة نجاح رائعة ونموذج فريد لرجل الأعمال الذي يتمثل قيم الإسلام الصحيحة المبنية على منهج الوسطية الواضح، وفي ذات الوقت يمتلك الفكر التجاري المعاصر والرؤية الاستشرافية الواعية، سواء في مجال التخطيط أو الاتصال أو حتى في مرحلة الإدارة والتنفيذ.. صدقني صاحبي العزيز مع أن علاقتي بهذا الرجل ليست العلاقة القوية والدائمة بل هي أخوة ومحبة وإعجاب ولقاءات متباعدة ومكالمات في مناسبات مختلفة ومتفرقة، خاصة في السنتين الأخيرتين، ومع ذلك فإنني أجد نفسي منذ علمت بمرضه متأثراً بشكل كبير، نعم أعلم علم يقين أن المرض مثله مثل الفقر والجوع و... قدر من أقدار الله المؤلمة، وعندي ثقة بأن أبا مصعب سيجتاز - بإذن الله وعونه وتوفيقه - هذا الابتلاء بالصبر والقرب من الله، وسينال المثوبة والأجر على بلواه، ومع ذلك ينتابني هذا الشعور العاطفي العميق، وحقه علينا هو ومن هم في مثل حاله الدعاء الصادق بالشفاء العاجل، كما قال صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يعود مسلماً فيقول سبع مرات أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا شفي إلا أن يكون قد حضر أجله)، وكان - صلى الله عليه وسلم - كما في البخاري ومسلم، إذا عاد مريضاً يقول: (أذهب البأس رب الناس، اشفه أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً). اللهم رب الناس مذهب البأس اشفِ عبدالله الرخيص شفاءً عاجلاً غير آجل، شفاء لا يغادر سقماً، وأعده إلى أهله وهو يرفل بثوب الصحة والعافية.. آمين.











لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6371 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد