يقوم الرئيس الأمريكي جورج بوش بجولة في آسيا يزور فيها عدة دول ولكنه غير منتبه للمناسبة البتة. ففي نفس الأسبوع الذي يجول فيه في آسيا صادف أن ألقت بلاده القنبلة النووية الأولى على اليابان عام 1945 التي قتلت ما لا يقل عن 140 ألف إنسان في ضربة واحدة ثم تلتها بعد ثلاثة أيام القنبلة النووية الثانية التي قتلت ما يزيد عن سبعين ألف نسمة. في هذه المناسبة من كل عام تقيم اليابان احتفالا مهيبا يليق بحجم الجريمة يدعى إليه عدد من فعاليات العالم وتجدد فيه اليابان لاءاتها الثلاثة (لا لامتلاك السلاح النووي، لا لصناعة السلاح النووي، لا لوجود السلاح النووي على أراضيها). هذه اللاءات الثلاثة تمثل شعار اليابان وموقفها الحازم من السلاح النووي. المعروف أن اليابان تقدمت بمشروع حظر الأسلحة النووية ولم تعارضه سوى ثلاث دول بينها الولايات المتحدة وإسرائيل، والأخيرة تمتلك أكثر من مائتي رأس نووي مخصصة لإزالة الجنس العربي من الوجود في أول فرصة خوف تعتري اليهود على دولتهم. في خطابه السنوي ذكر رئيس وزراء اليابان إيكيبا الولايات المتحدة بأنها من الدول الثلاث التي اعترضت على مشروع إنهاء السلاح النووي من العالم. وقال متخطيا جورج بوش (لا يمكننا سوى أن نأمل بأن يصغي الرئيس الأمريكي الذي سينتخب في نوفمبر المقبل بالانتباه لصوت الأكثرية التي تعتبر أن بقاء الجنس البشري هو الأولوية المطلقة). قادت أمريكا حروبا عبر العالم واستخدمت هي وإسرائيل تحديدا كل أنواع الأسلحة المحظورة وشكلا دائما ثنائيا قاسيا يستهدف المدنيين والعزل دون أدنى درجة من الإحساس الإنساني. استخدمت أمريكا على سبيل المثال في حربها على العراق أسلحة لم تكن في حاجة إليها لحسم المعركة مع جيش صدام حسين المهترئ مثلها مثل إسرائيل التي أنزلت على لبنان في حربها مع حزب الله أطنانا من القنابل العنقودية التي لا تستخدم إلا عند الرغبة في قتل الفلاحين وتشويه الأطفال الذاهبين إلى مدارسهم، والطريف في الأمر أن الولايات المتحدة رغم دعمها المستمر للذهنية الإسرائيلية القاتلة لم تستطع إلا أن تدين إسرائيل على هذه الجريمة. كانت اليابان وألمانيا تمثلان قبل الاحتلال الأمريكي لهما أعظم دولتين في ذلك الزمن وأكثر الدول ازدهارا, ولكن الاحتلال الأمريكي لليابان خلق طبقة يابانية منتفعة تفتقر لأبسط القيم الإنسانية وبنت فسادا مستشرياً وبيئة مدمرة وخلقت فردية مختنقة ودولة متعثرة سياسيا بلا قيادة عاجزة عن اتخاذ القرارات (باتريك سمث)، ولم يكتف الأمريكان بإنزال القنبلة النووية على اليابان وإنما خلقوا بدستورهم أحزابا سياسية انتقتهم أمريكا من مخلفات الماضي (أطالوا عمر الممارسات السياسية القديمة القائمة على الولاء والاستخذاء أمام السلطة وانتقتهم من أصحاب الهوية الريفية والسياسية الشللية وشراء أصوات الناخبين)، حيث سمحت هذه النخبة الفاسدة المصنوعة من قبل الولايات المتحدة للولايات المتحدة بالتلاعب بالانتخابات وهو بالضبط ما يجري في العراق وقبلها في أفغانستان.
Yara.bakeet@gmail.com