Al Jazirah NewsPaper Saturday  09/08/2008 G Issue 13099
السبت 08 شعبان 1429   العدد  13099
يعاملون كبُكْم وما هم ببُكْم
ناصر سعد الدباس

أكد إعلان حقوق المعوَّقين سمعياً الصادر عن الاتحاد العالمي للصُّم على حق هذه الفئة في التعليم والرعاية في سنٍّ مبكرة، واستخدام مجموعة من وسائل الاتصال هي: المساعد السمعي، الكلام، قراءة الشفاه، القراءة والكتابة، الأبجدية اليدوية، ولغة الإشارة.. وذلك حسب الحاجة وقدرات كل حالة.

وحيث إنه كثيراً ما يستخدم تعبير (الصمّ) للدلالة على جميع مَنْ يعانون من إعاقة سمعية من أي درجة، وقد نُصَّ على ذلك في الطبعة الإنجليزية من إعلان حقوق المعوَّقين سمعياً الصادر من الاتحاد العالمي للصم عام 1971م، نجد أن الأكثرية ممن تشملهم التسمية هم من ضعاف السمع الذين يمكن اندماجهم في المجتمع والالتحاق بمدارس الأسوياء، إذا تهيأ لهم التدخل المبكر والإرشاد الأسري مع التدريب على السمع والنطق منذ طفولتهم، وفي هذه الحالة تنتفي حاجتهم إلى لغة الإشارة. ولكن للأسف فإنه يُنْتظر حتى يبلغوا السادسة ليلتحقوا بمدارس الصمّ وتفرض عليهم لغة الإشارة، بعد فوات سنوات ثمينة يمكن أن يتعلموا خلالها لغة الكلام. أي أنه لغياب التدخل المبكر والإرشاد الأسري منذ الطفولة المبكرة يعامل أكثر هؤلاء كبُكْم من قبل الأسرة، وما هم في الحقيقة ببُكْم.

يُنْعت ذو العوق السمعي - خطأ - بالأخرس، من خَرِس: أي انعقد لسانه عن الكلام. وهذه الكلمة لا يصح إطلاقها على الصمّ؛ فالصَّمم لا يخرس صاحبه، وإنما تكون حاله مثل حال الطفل الذي لم يتعلم لغة الكلام بعد؛ فالقصور السمعي لا يقف عائقاً دون تعلم الكلام إذا وجد الاهتمام والرعاية الكافية في وقت مبكر. فالمساعدات السمعية المناسبة إذا رافقها توجيه أسري متخصص وتدريب على السمع والنطق لا شك سيكون له نتائج ناجحة. وهناك عوامل كثيرة مؤثرة في مدى تقدُّم صاحب العوق السمعي في تعلم الكلام، منها مقدار البقايا السمعية لديه، ومدى توافر برامج التوجيه والإرشاد الأسري، ومدى وعي واهتمام والدي الطفل وأسرته، ووجود المعلم المتخصص المتفاني والمدرك لأهمية دوره، والمتحمس لطريقة الاتصال الشفهي، وتوافر السُّبل الكفيلة بتهيئة ظروف دمجه مع أقرانه الأسوياء.

يحكي المؤلف (فيليكس جاكبسون) في أحد كتبه قصة تحدٍّ واجهته في حياته كسبها بالرغبة والتصميم، وذلك حينما عرض طفله الرضيع على الطبيب الذي قرر أنه أصم وسيبقى أخرس مدى الحياة، لكن الأب في قرارة نفسه عارض رأي الطبيب، مُصرَّا على أن ابنه يجب أن يسمع ويتكلم.

وتسلح بالرغبة والتصميم، قاطعاً على نفسه عهداً ببذل ما يستطيع من جهود في سبيل ذلك، فغرس في ذهن طفله الرغبة في الاستماع بواسطة أساليب خاصة طورت نسبة السمع القليلة التي لديه، وصار يحدِّثه ويحكي له قصصاً مصوَّرة ويوجهه لتطوير قدرته على الخيال وغرس الثقة بالنفس، وجاءت النتائج مدهشة، ولم يلتحق بمدرسة للصم، ولم يسمح له بتعلم لغة الإشارة، وتابع تعليمه الثانوي، ثم التحق بالجامعة..

وفي أنحاء العالم هناك الكثير من المدارس الناجحة التي تتبنى تعليم لغة الكلام لهذه الفئة، أما لدينا فهناك آباء وأمهات استطاعوا المبادرة والأخذ بأيدي أولادهم الصمّ وتعليمهم لغة القرآن المكتوبة والمقروءة والمنطوقة.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد