نحن في منطقة الخليج العربي الحساسة وذات الأهمية الدينية والاقتصادية والعالمية لا نريد على لسان قادتنا وشعوبنا قيام حرب جديدة فيها بسبب قضية المفاعل النووي الإيراني حيث تعترض إسرائيل ودول الغرب بما فيها الولايات المتحدة على قيام إيران بإنتاج السلاح النووي، وفي نفس الوقت لا تريد دول المنطقة قيام إيران بصنع القنبلة الذرية بل إن المطلوب هو أن يقتصر نشاط إيران في هذا المجال على الجانب السلمي فقط دون الجانب العسكري للأسباب التالية:
- عدم وجود عدو لإيران في المنطقة بعد سقوط نظام طالبان في أفغانستان ونظام صدام في العراق.
- أن إيران ليست من الدولة العربية التي تعيش نزاعا مع إسرائيل من عشرات السنين.
- أن ايران ليست جارة مواجهة لإسرائيل فيما لو افترض أن إيران تنظر للنزاع مع إسرائيل بأنه يشمل الدول الإسلامية.
- أن ذلك سيدعو إلى سباق التسلح النووي في المنطقة.
- أن إيران من دول الطاقة الأولية فهي أيضا لست في حاجة للطاقة النووية في جانبها السلمي لتكلفتها الباهظة.
لقد تم توقيع العديد من العقوبات على إيران من قبل مجلس الأمن الدولي بسبب الارتياب في خططها النووية باعتبار أنها لم توقف تخصيب اليورانيوم وهو المادة الأساسية لصنع السلاح الذري كما تم تهديد إيران من جديد بفرض عقوبات أشد عليها إذا جاء ردها سلبياً على حزمة الحوافز التي عرضت عليها من الدول الغربية من أجل إيقاف تخصيب اليورانيوم.
كما عرضت دول الخليج العربية على إيران حلاً وسطاً لإنهاء الأزمة عن طريق إقامة مشروع نووي سلمي مشترك بين إيران ودول الخليج، تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما عرضت روسيا على إيران أن تقوم إيران بتخصيب اليورانيوم على أراضيها ثم نقل ما تحتاج منه للنشاط السلمي إلى إيران، إلا أن إيران لم تقبل بهذه الحلول وهي مصرة على الاستمرار في تخصيب اليورانيوم على أراضيها، كما أن إيران لم تتعاون بصورة كاملة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية فقد منعت إيران ممثلي هذه الوكالة من الوصول إلى بعض المواقع النووية الحساسة.
إن التوتر بين إيران من ناحية والولايات المتحدة والدول الأوروبية وإسرائيل من ناحية أخرى حول قضية المفاعل النووي يرتفع تارة وينخفض تارة أخرى، فالمسؤولون الأمريكيون يكررون دائما أن كل الخيارات تجاه إيران مطروحة، كما أن إسرائيل قامت بتدريب طياريها على الغازات البعيدة وعززت من قوة دفاعها الجوي، إلا أنه بالمقابل يوجد العديد من التوجهات بين الطرفين الإيراني والأمريكي حول الجانب السلمي في الأزمة وهي:
- مشاركة الولايات المتحدة في المفاوضات التي تمت مؤخراً مع إيران حول النشاط النووي.
- رغبة الولايات وإيران في التعامل الدبلوماسي بينهما عندما رحبت إيران بما صدر من الولايات المتحدة حول رغبتها في فتح مكتب دبلوماسي لها في إيران.
- تصريحات بعض المسؤولين الإيرانيين بأن إسرائيل دولة صديقة وأن إيران لا تنوي مهاجمتها.
- عدم تدخل إيران في الحرب التي تمت بين إسرائيل وحزب الله الحليف لها والتي تمت في صيف (2006م).
- إن الولايات المتحدة غزت العراق وأسقطت نظام الحكم السابق فيه بإرادة وتصميم فرديين، وذلك بسبب شبهة لم تتحقق وهي حيازة العراق لسلاح الدمار الشامل في حين أن موقف الولايات المتحدة مع إيران أكثر شفافية وليونة مع أن الشبهة لدى إيران في محاولتها إنتاج السلام الذري أقوى مما لدى العراق.
فهل هناك أسباب لعدم وصول التوتر بين الطرفين إلى أقصى مداه؟ هل يوجد استراتيجية معينة لكل من إيران والولايات المتحدة من وراء ذلك؟ أم أن التوتر وبالتالي وقوع المواجهة أمر مؤجل وسوف تتم بعد استنفاد جميع الوسائل الدبلوماسية وبالذات في نهاية هذه السنة قبل رحيل الرئيس بوش وبعد انتهاء الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
إن من المؤمل أن يتم التفاهم بين الطرفين لحل هذه الأزمة سلميا وعدم الوصول إلى حافة المواجهة لأنها ستكون قاسية وأليمة على كل الأطراف وعلى المنطقة.
إن دول الغرب مصممة على عدم وصول إيران الى مرحلة إنتاج السلاح النووي وعلى إيران أن تتفهم ذلك وتتجاوب معه كما فعلت كوريا الشمالية وأن تقبل كبديل لذلك بالحوافز التي عرضت عليها من تلك الدول بدلاً من انتهاج أسلوب المكابرة والتغريد ناحية السراب.
فاكس 4032285