Al Jazirah NewsPaper Friday  08/08/2008 G Issue 13098
الجمعة 07 شعبان 1429   العدد  13098
سيدات بدرجة مواطن صالح
هياء الدكان

خرجت (منى) من مكتبها، بعد انتهاء وقت دوامها الرسمي، وأمام الباب الخارجي المكتظ بالسيارات وقفت تحت الشمس في عز الصيف وقد بلغت درجة الحرارة ذروتها تترقب سيارة زوجها.. لحظات ثم شاهدت سيارته قادمة من اليسار فتوجهت على الفور إلى اليمين باتجاه الشارع الآخر وعندما اقتربت منها سيارة زوجها أكثر ابتعدت هي إلى اليمين أكثر في موقف يثير العجب، لكن لدى (منى) لا وقت للعجب، المهم صعدت إلى السيارة وسألها زوجها متعجبا ما سر سيرك هذه المسافة وقد وقفت لك أمام الباب فردت عليه بسؤال ما رأيك بالشارع الخلفي الذي قدمت منه فرد قائلا: أعوذ بالله زحام شديد والسيارات تلتصق ببعضها ورجال المرور ينظمون السير ويحاولون فض الاختناقات المرورية خوفا من الحوادث لا قدر الله، قالت: (وصلت) من أجل ذلك تقدمت هذه المسافة تحملت القليل حتى يفرج الله عن الكثيرين وأعجب زوجها بتصرفها وألقى بنظره إلى الخلف فوجد ثلاث سيارات واقفة متسمرة أمام مدخل الباب! وفي هذا الشارع الضيق غير مبالين بالزحام والاختناقات المرورية من خلفهم! ثم التفت على زوجته وقال لها معجبا ليتهم يفعلون مثلك، ونعم المواطنة الصالحة.

موقف آخر لامرأة كانت تتسوق من معرض للأواني المنزلية وأثناء خروجها تفاجأت بمندوب إحدى الشركات يبدو أنه يوصل بضائع خاصة بهذا المحل المؤسف في الأمر هو سلوك هذا المندوب وطريقة إنزاله للبضائع التي بعضها سجل عليه قابل للكسر حيث يقوم برميها الواحد تلو الآخر مصدرة أصوات مزعجة وهو غير مبال بل يقذفها بسرعة فما كان منها إلا أن تحررت من قيود عبارة (مالي ومال الناس) وأنقذت بتصرفها ما تبقى لصاحب المحل من بضائع فدخلت على استحياء وأخبرت صاحب المحل أن يأتي ليقف أمام هذا المندوب حتى ينتهي ويباشر العمل بنفسه فشكر الرجل صنيعها وحمد الله أن قيض له مثلها ممن يتقون الله ويشعرون بالمسؤولية ويقومون بواجبهم.

أما (أم محمد) فلها موقف أجمل حيث خصصت جزءا من مستودع بيتها تحفظ فيه الكتب الدراسية ليست الجديدة وإنما ما خلفه أبناؤها وبناتها في أجل الدراسة وحتى الكتب الجامعية وتظل محتفظة بها ليس لوضعها في حاوية مخصصة للورق أو جمعها لمشاريع التصدق بالورق وهذا طيب، ولكنها تحفظها عندها لكل من يحتاجها فإذا علمت أن أحدا من أبناء جيرانها أو صديقاتها أو من أهلها فقد كتابه أو أقبل على مرحلة جديدة تعطيه هذه الكتب ليستفيد منها.

أما الموقف الآخر لمواطنة أخرى قد انتبهت لوجود صحف بربطتها عند النفاية القريبة من منزلها والمفاجأه الأكبر عندما عرفت السر حيث لاحظت في يوم آخر أن عامل التوزيع هو من يضعها بربطتها داخل النفاية مما أثار غضبها وأبلغت على الفور الشركة المختصة.

أما نورة فلها موقف إنساني نبيل حيث لاحظت وهي خارجة من المسجد الحرام وجود طفل يجري يمنة ويسرة ويبكي بلهفة وينادي:.. أمي.. أمي.. فتبينت أنه طفل ضائع فأوقفته وهدأته وناولته من ماء زمزم ليشرب وقالت لن آخذك لأي مكان فقط سنجلس هنا ننتظر أمك.. واطمأن الطفل ثم رفع يده الصغيرة لتجد بها رقما يبدو أنه رقم جوال فاتصلت به فكان لأخ هذا الطفل الذي حضر من فوره بصحبة الأم التي لم تتمالك دموعها وقدمت دعاءها وشكرها مقدرة جميل هذه المرأة....

نعم ونِعّم المواطنات الصالحات وهن كثر في مجتمعنا الحبيب... إن ما ذكرت اليوم هو مجرد بعض الصور من المواطنة الصالحة ولكنها في الحقيقة أعظم بكثير أنها الإحساس بالمسؤولية لأناس لم يعيشوا لذواتهم فحسب..

إنها لذة ونعيم الصدق مع الله أولا ثم مع ولاة الأمر والقائمين على أمن هذه البلاد وحماية ممتلكاتها... إن تفعيل المواطنة الصالحة مسؤولية كل مواطن والله كما قال صلى الله عليه وسلم في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.



haya.d.2007@gmail.com*

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد