أضحت قضيّة الأمن الفكري جزءاً مهماً وجوهرياً من جزئيات الأمن القومي والاجتماعي، فتحصين مدخلات الفكر وحمايتها من شوائب وتراكميات الأفكار التدميرية، أمرٌ بات في مقدِّمة اهتمامات دوائر صُنع القرار التي تهتم باستشراف المستقبل الفكري، وتحصينه من كلِّ ما يمكن أن يبث به من سموم أو نظريات تُستغل إمّا لأغراض سياسية وأيدولوجية، أو لأجل قناعات باطلة تنبثق من أفكار سوداوية، لا تساهم إلاّ في زعزعة استقرار المجتمعات وتدمير سلمها الأهلي.
داء التطرُّف والإرهاب الذي ابتليت به الأُمّة، واستهدف بشكل مباشر النشء منها، من خلال تصيُّد حماسات صغار السن من الشباب، أمرٌ بات يضطلع في مسئولية التعامل معه عدّة مؤسسات وجهات، فبدءاً من فكرة التنشئة الاجتماعية، تنطلق تلك المسئولية من الأُسرة أولاً، لتتجاوز ذلك في التدرُّج إلى المدرسة والجامعات والمؤسسات الأكاديمية ووسائل الإعلام، وغيرها من مكوّنات وعناصر صنع النظرة العامة، التي هي من الأهمية بمكان للتأكيد على محورية وجوهرية دورها في هذا الصدد. كما أنّ عقد الدورات التوعوية التي تخاطب عقل الشباب، لتوضح ما يدس من السم في العسل، وتفنِّد ترهاته بالحجج والبراهين الشرعية والعقلية، لها أهم الأثر في خوض معركة الفكر، وحمايته من مخاطر الانزلاق في براثن الإرهاب والتطرُّف، الذي أصبح دعاته ومنظِّروه لا يتوانون عن تجنيد كلِّ ما يحقق أغراضهم التدميرية، حتى وإنْ كان ذلك من خلال استغلال سذاجة المراهقين ومغازلة حماستهم البريئة.
لقد ضربت المملكة العربية السعودية أروع الأمثال، في تعاملها مع آفة التطرُّف، وقطع كلّ الطرق على أربابها، وبذلت الجهات الرسمية كلّ الجهود والإمكانيات، لحماية استقرار المجتمع من تلك الآفة، سواء كان ذلك بتضحيات رجال الأمن، أو من خلال تسخير كلّ الإمكانيات للتعامل مع هذه الظاهرة, وهو الأمر الذي سجّل إعجاباً واضحاً على المستوى الدولي، وجعل الكثير من دوائر صُنع القرار الدولي تنصح وتطالب، باتباع أسلوب المملكة في التعامل مع التطرُّف، سواء كان ذلك في الميدان، أو من خلال أساليب الحماية الفكرية، التي كان أبرزها وأكثرها نجاحاً، أسلوب المناصحة وما ساهم به من انتشال الكثير من الواقعين في براثن تلك الآفة، من الانزلاق إلى سوداوياتها البغيضة.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244