Al Jazirah NewsPaper Friday  08/08/2008 G Issue 13098
الجمعة 07 شعبان 1429   العدد  13098
إن أعجب فعجبي مِن..
عبدالله إبراهيم حمد البريدي

الذين يأتون إلينا من بلاد فقيرة وضعيفة ومتخلفة، وأول ما يأتون تبدو عليهم علامات السكينة و(المسكنة) والهدوء، ويبدون في قمة الأدب، ولا يضع أحدهم عينه في عينك.

ثم بعد شهر أو شهرين تنقلب هذه الحملان الوديعة إلى أسود هصورة تزمجر عند شبه اختلاف، فماذا سيفعلون عند الاختلاف الحاد معهم؟

وعجبي لمن يأكل بملعقة من ذهب، ويشرب بكأس من الكريستال الأفخر، ويلبس ويجلس وينام على حرير، ولا يسمع من صغير أو كبير (لا) أبداً.. ثم يسمي نفسه (رفيق المعاناة)!

يقول ابن خلدون: إن المغلوب يأخذ لغة الغالب، أو كما قال.. فعجبي من حالنا ونحن (الغالبون) وفي دارنا وديارنا ونقول: إنتا يروح بعدين يجي، وأنا ما فيه معلوم يا صديق!!

فأين الغلبة هنا؟

وبماذا غلبنا هؤلاء؟؟

وعجبي لمن يجد اللذة في هبوط آمن مؤمن سالم مسلم بواسطة طائرة على قمة (جبل) ويرفع شارة النصر وعلامات التحدي، بينما اللذة الحقيقية والمتعة في التدرج في صعود هذه القمة بل وإن بعض المتعة ناتج من التعب والمشقة في الصعود..!!

وعجبي لمن يفرغ نفسه قبل مباراة بساعة ليتهيأ لها، ثم يشاهدها (متسمرا) ثم يشارك وبفعالية بعدها في نقاشات ساخنة حول أحداثها ونتائجها لمدة ساعة، بينما لا يفرغ نفسه قبل كل صلاة مفروضة خمس دقائق ليصلي ركعتي تحية المسجد وخمساً أخرى ليصلي ركعتين بعدها..!!

وعجبي لمن يرفع شعار (الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية)، وهو عند أي اختلاف مع أحد في رأي أو وجهة نظر حيال مسألة ما فإنه يصفر ويحمر، ومن بعدها يبادر مخالفه الرأي بالقطيعة والهجر!!

وعجبي لمن أوقف مصطلح (المثقف أو المثقفين) على الناهلين من الفكر والثقافة المخالفة لثقافتنا العربية والإسلامية، بينما يرى المتمسكين بها والمدافعين عنها ليسوا من الثقافة في شيء!!

سؤال يطرح وبقوة: هل كل ما يقوله ويفعله هؤلاء الموصوفون بالمثقفين من تهميش لثقافتهم (الأم) وانتقاص لأصحابها وأعلامها هدفه نيل هذا الوصف؟؟؟

وعجبي من بعض المسؤولين الذين يوافقون كثيراً من الآباء في اتهام المدارس والمعلمين بالإهمال والتقصير في التعليم والتربية، بينما لا يرون ولا (يعترفون) بأخطائهم وسوء تدبيرهم في بيوتهم، وخصوصاً مع الأبناء!

فالحبل على الغارب والأولاد يشاهدون ما يريدون، ويخرجون مع من يريدون وينامون متى شاؤوا.. إلخ.

ألم يسمع هؤلاء قول الشاعر:

متى يبلغ البنيان يوماًَ تمامه

إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم؟

وعجبي لمن يؤم المصلين ويخطب فيهم الجمعة ولا يفرق بين الفاعل والمفعول ولا يجمع جمعاً صحيحاً، ولا فرق عنده بين كان وأخواتها، وابنة عمها (إن وأخواتها) وأعمالهن..!

أليس من الواجب أن يقام اختبار كفايات للخطباء كما هو الحال عند المعلمين؟

وعجبي لمن يتهاون في إرسال رسائل جوال إلى صديق أو زميل أو قريب دون اعتبار لمحتوى هذه الرسالة من الناحية العقدية أو الأخلاقية، بل إن الهدف الأسمى هو الضحك والإضحاك!!

كم من رسالة جوال تضمنت مساساً بالذات الإلهية؟

وكم من رسالة تضمنت سخرية بحديث أو بحدث من أحداث السيرة النبوية؟

وكم من رسالة تضمنت اغتياباً لأفراد منتمين لقبيلة أو وطن ما؟

من هنا أوجه دعوة صادقة ونصيحة أوجهها لنفسي ثم لكل فرد من أفراد المجتمع أن نجتنب هذه المهازل والسفاسف المسماة (نكاتاً وطرائف)، وأن نوظف هذه النعمة العظيمة فيما يفيد ويبني ولا يضر ويهدم، وهل هناك أخطر وأضر من هدم جبال الحسنات بمعاول (النكات)؟



al-boraidi@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد