Al Jazirah NewsPaper Friday  08/08/2008 G Issue 13098
الجمعة 07 شعبان 1429   العدد  13098
رياض الفكر
الوقاية منهج نبوي
سلمان بن محمد العُمري

ديننا الحنيف ربط الأسباب بمسبباتها، وناط النتائج بمقدماتها، ولا يختلف اثنان على أن الصحة والعافية من النعم العظيمة، ولا أدل على ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم لذلكم الأعرابي الذي جاءه ليعلم ما يسأل الله عنه بعد الصلوات الخمس (سل الله العافية)، وقوله في حديث آخر (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ)، فعلى المفتقر إلى الصحة أن يسعى وراءها بكل ما أوتي، وعلى المتمتع بها أن يحتفظ بها كل الاحتفاظ، وأن يباعد نفسه عن الأمراض لقول الله تعالى: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} البقرة (195).

ولا تعارض فيما ذكر مع ما جاء في الحديث الآخر (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر)؛ فإن أصح ما قيل فيه ما حمله العلماء والمخرجون لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن هذا الحديث إنما سبق للرد على أهل الجاهلية الذين كانوا يعتقدون أن الأسباب تؤثر بطبيعتها في المسببات وأن الله لا يؤثر فيها، فرد عليهم النبي صلى الله عليه وسلم بأن لا عدوى مؤثرة بطبيعتها. وإنما قد يجعل الله بمشيئته وإرادته مخالطة صحيح الجسم لمن به مرض معد سبباً لإصابته بهذا المرض، ولهذا كان الأمر باجتناب الأصحاء لأصحاب الأمراض الوبائية إنما هو للمحافظة على الصحيح من ذوي العاهات، فلا تنافي بين هذا الحديث وما تقدم؛ لأن هذا إنما كان للرد على عقيدتهم من أن التأثير للطبيعة، وباطل ما كانوا يعتقدون.

وبين يدي خبر نُشر قبل مدة، مضمونه ما كشفه وزير الصحة الدكتور حمد بن عبدالله المانع عن اكتشاف (19) حالة إيدز في فحص ما قبل الزواج منذ بداية هذا العام 1429هـ، ولفترة (فقط ثلاثة أشهر)، والفحص كشف أيضاً عن بعض الأمراض الوراثية والمعدية وهي أعداد مضاعفة لهذا الرقم.

نعم هذه حالات إيدز وحالات مرضية أخرى تم اكتشافها، ومعلوم خطر هذه الأمراض على الزوجات والأولاد من بعدهم؛ ما يجعل أحد طرفيها يدفع ثمناً باهظاً لهذه العلاقة الزوجية، نفسياً ومالياً واجتماعياً.

وبخلاف المعاناة النفسية والاجتماعية للمصاب وأسرته، وارتفاع كلفة العلاج مادياً، فكلفة علاج فقر الدم المنجلي والثلاسيميا تتراوح ما بين (30) ألف ريال سنوياً لشخص مصاب، وقد تصل أحياناً إلى (100) ألف ريال، وهي تكاليف باهظة يتحملها القطاع الصحي، والعلاج الوحيد المتوافر حالياً لهذه الأمراض هو زراعة العظم (مصدر توليد كريات الدم الحمراء)، وهو عملية معقدة وتبلغ تكلفتها نحو نصف مليون ريال، إضافة إلى الصعوبات في إيجاد متبرع مناسب. أما تكلفة علاج المصاب (بالإيدز) فتصل إلى (120) ألف ريال سنوياً، هذا في حال لم تحدث مضاعفات؛ حيث تزداد تكاليف العلاج.

وهناك مجموعة من الأمراض الخطيرة كأمراض الدم الوراثية كفقر الدم المنجلي وأنيميا البحر المتوسط وانحلال الدم، وأمراض الجهاز العصبي كمرض ضمور العضلات الجذعية وضمور العضلات باختلاف أنواعها وضمور المخ والمخيخ، وأمراض التمثيل الغذائي التي تنتج عن نقص أنزيمات معينة، وأمراض الغدد الصماء خاصة أمراض الغدة الكظرية والغدة الدرقية، وقد ساعد على شيوعها بعض العادات الاجتماعية المتأصلة كزواج الأقارب والعزوف والتذمر من فحوصات ما قبل الزواج.

ومع الاكتشافات التي قامت بها مختبرات وزارة الصحة والمستشفيات المتخصصة لراغبي الزواج، فإننا لا نكتفي بالإشادة بالقرار الذي أصدره المقام السامي الكريم بإلزامية الفحص، ولكننا نقول: كنا نتمناه قبل ذلك، ولكنني أسوق بعض المقترحات لتكمل نجاح وتفعيل هذا القرار، ومنها:

- وضع آلية للفحص لمن يتزوجون من الخارج، وأن تصادق وزارة الخارجية ممثلة في قنصليات المملكة على فحوصات الزواج.

- أن يكون فحص ما قبل الزواج شاملاً ولا يقتصر على فحوصات محددة، ومن ذلك كشف متعاطي المخدرات والمدمنين.



alomari1420@yahoo.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5891 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد