الرياض - «الجزيرة»:
صدر مؤخراً كتاب جديد بعنوان (الفتوى في الشريعة الإسلامية) لمعالي الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث والفتوى والقاضي الأسبق بمحكمة التمييز بالرياض، وهو يقع في مجلدين كبيرين، يتناول مقدمات عن الفتوى، وآدابها، وإعداد الحكم الكلّي لها، ووقائعها، وتنزيل الحكم على وقائعها، وأصولها، وإصدارها، وآثارها، يتميز بصدوره عمّن جمع بين التأصيل والممارسة في جانب الفتوى، وقد جاء في وقت نحن بأمسّ الحاجة فيه إلى تبصير الأمة بالأحكام الصائبة التي توافق هدي الكتاب والسنة نصّا أو استنباطا في جميع الأحوال والتصرفات في العقيدة والعبادة والمعاملات المالية والأنكحة والمسائل الجنائية وغيرها.
ومن هنا تبرز أهمية الموضوع الذي يضمّ القواعد والأصول والأحكام المتعلقة بالمفتي والمستفتي وصفة استمداد الحكم وتنزيله على واقعة الفتوى، ومعرفة تنزيل الأحكام على الوقائع الفتوية، فهو بمثابة أصول الفقه للمستنبط المقرّر للأحكام الكلية، وقد انتظم هذا الكتاب في خطة شملت فصوله ومباحثه ومطالبه وفروعه، وكانت في مقدّمة وتمهيد وسبعة فصول وخاتمة.
ابتدأه معاليه بمقدمة، وتمهيد تضمن مقدمات عن الفتوى من خلال عشرة موضوعات شملت: تعريف الفتوى، وأقسامها، والفرق بينها والقضاء والفقه، والاجتهاد وعلاقته بالفتوى، ومشروعيّتها، وأهميتها، وحكمها، وتاريخها في الإسلام، وتاريخها في المملكة العربية السعودية، وأركانها.
ثم تحدث في الفصل الأول عن المفتي، وقد قسمه ثمانية مباحث، شملت: تعريف المفتي، وشروطه، وصفاته، وآدابه، واستقلاله وتأهيله بالخبرة والتجربة، كما شملت الفتوى الجماعية، وتكرار المفتي الاجتهاد، وكذا الحِيَل والمخارج عند المفتي، والاحتساب عليه.
وفي الفصل الثاني تحدث عن المستفتي من خلال أربعة مباحث شملت: تعريف المستفتي، وآدابه، وفقدان المستفتي المفتيَ، والاستفتاء بالرسول والرسالة.
وفي الفصل الثالث تناول فضيلته إعداد الحكم الكليّ للفتوى، وفيه تمهيد عن أهمية الحكم الكلي في الفتوى وثلاثة مباحث في تعريف الحكم، وأقسامه، وعمومه وتجريده، وإطلاقاته، ومصادر الحكم الكلي للفتوى، وبيانها، والاجتهاد، ومسالكه، وأصول مصادر الحكم في الفتوى للمجتهد، والعرف ووظيفته في الاستدلال، والاتباع والتقليد والتمذهب وأقسام المدوّن في المذهب الواحد وما لا يتابع فيه مذهب ولا تقليد، والتلفيق بين الأقوال الفقهية، والأخذ بالقول المرجوح عند الاقتضاء والأخذ بالرّخص الفقهية عند الاقتضاء والتخريج وخلو واقعة الفتوى من نص أو قول لمجتهد، وموقف المفتي منه، والمراد بخلو الواقعة من قول لمجتهد، وبيان أنه لا تخلو واقعة من حكم لله، ودعوة العلماء للاجتهاد في الوقائع الفقهية، أسباب خلو الواقعة من قول لمجتهد، وبيان أن استئناف النظر في حكم واقعة لتغيّر الأعراف والمصالح لا يعد تغييرا في أصل الخطاب الشرعي، وموقف المفتي عند خلو الواقعة من قول المجتهد، وتفسير الحكم للفتوى، المراد بتفسير الحكم للفتوى، وأهمية تفسير الحكم عند الفتوى، وأهمية تفسير الحكم (النصوص الشرعية) عند الفتوى، وضابط تفسير النصوص الشرعية في الكتاب والسنة، وتفسير النصوص الفقهية، وذلك بحمل تفسير النصوص الفقهية على قواعد تفسير النصوص الشرعية، وعلى مصطلحات أهلها من العلماء والوقوف على الأعراف الجارية زمن تقرير النص الفقهي مما يعين على بيانه وتفسيره، ومراعاة ما يقصده الفقيه في تقرير حكمه، والجمع والترجيح عند تعارض النصوص الفقهية لاستظهار قول الفقيه ومن في حكمه، والترجيح بين الأقوال في المذهب الواحد بحسب قوة القول للفتيا. وأما الفصل الرابع فقد كان عن واقعة الفتوى، وتضمن أربعة مباحث، تعريف واقعة الفتوى وأهميتها، وأدلة وقوع الفتوى المراد بها والفرق بين أدلة شرعية الحكم في الفتوى وأدلة وقوع الفتوى وأصول أدلة وقوع الفتوى وتنقيح واقعة الفتوى، أقسامها، وتعريفها، وأهميتها، ووسيلتها وسير المفتي في تنقيح واقعة الفتوى، وتفسير واقعة الفتوى، المراد بتفسير واقعة الفتوى وأهميته ومشروعيته، والوسائل الدالة على الإرادة وتفسير لفظ المكلف وتفسير الكتابة الصادرة عن المكلف وتفسير فعله وإشارته وسكوته وأثر الأسباب والدوافع في تفسير الوقائع لفظاً أو فعلا أو سكوتاً.
وبين المؤلف في الفصل الخامس تنزيل الحكم على واقعة الفتوى تعريف ومشروعيته وأصول تنزيل الحكم على واقعة الفتوى وهي: النظر في مآلات الوقائع، ومراعاة مقصد الشرع وحكمة التشريع ومراعاة الفروق بين الوقائع والأشخاص، ومراعاة الضرورات والحاجات ومراعاة درء الحدود والقصاص بالشبهات، والوسطية في الفتوى ومراعاة التيسير أو التشديد فيها عند الاقتضاء، ووسائل تنزيل الحكم على واقعة الفتوى وهي القياس، والاجتهاد المباشر، وتوصيف واقعة الفتوى ووظيفة المفتي في تنزيل الحكم على واقعة الفتوى وفحصها.
وأما الفصل السادس فقد كان عن إصدار الفتوى وتضمن: ضوابط إصدار الفتوى ومراحلها ووسائل التعبير عن الفتوى وصيغتها وكتابتها وآدابها والتدليل للفتوى، والفتوى بخلاف الباطن والرجوع عن الفتوى مشروعيته وحكمه وموجباته.
وبيّن الشيخ في الفصل السابع آثار الفتوى على المفتي، وعلى المستفتي، وعلى المجتمع وآثار الفتوى في تأكيد وسطية الأمة، ثم ختم معاليه كتابه بخاتمة لخّص فيها أبرز أحكام الفتوى.