المرأة إنسان رقيق المشاعر, لطيف الإحساس غض الفطرة والخلق, ضربت بها الأمثال ونظمت بها الأشعار اماً وأختا وزوجة, أضف إلى ذلك ما يحسب لها من المساهمة في إنتاج الاجيال وترعرع حياتهم الأولية على يديها, هذه المقدمة نطرحها والأخبار تتواتر من العراق من حين لآخر عن امرأة فجرت نفسها في عملية انتحارية, أو القبض على نساء يخططن للقيام بقتل جماعي مفخخ يسقط أناسا أبرياء, في بادرة توضح مدى الازمة التي يعيشها الواقع العربي, فمن الجميل ان تندرج النساء في صفوف المقاومة ومنافحة المحتل, ولكن الأجمل لو كانت تلك الأعمال من النظافة والنزاهة بمكان كما هو مسجل بالتاريخ كسيرة جميلة بوحريد في الجزائر ضد المحتل الفرنسي وغيرها من النساء المقاومات العربيات التي لم يلطخ سجلهم النضالي ذنب وجرم العمل الانتحاري, ولم يقعن في هذا الشرك المقيت, مهما كانت الدوافع أو فلنقل القناعات. ان تشويه طبيعة المرأة من خلال استدراجها للعمليات الانتحارية وسلخها من صفة الأم الحنون والكائن البريء لا يقود الا إلى مزيد من عقد الذات الاجتماعية واختلاط وتداخل مفاهيم العقل والتزاماته, بل والأكثر من ذلك ان في ذلك أثقالا على كل من يؤمن بفلسفة المقاومة الشريفة التي لا تمت لها بصلة ثقافة الانتحار أو التفخيخ المستهدف, حتى وان كانت المنطلقات في اساسها بريئة ورومانسية. فاستهداف الطرف الآخر بالتفجير الواسع المدى والأضرار والضحايا من قبل الرجال فيه ما فيه من ضرر فكيف ان كان ذلك من قبل النساء اللاتي يشكلن الصدر الحنون والملجأ الآمن لمكونات المجتمع وأفراده. هذه الظاهرة وغيرها تعد من مهددات العقل العربي ومنطلقات فهمه, وهو الأمر الذي بات يحتاج إلى مزيد من الوقفات والدراسة لتحديد اطر القناعات وتأصيل مفاهيم الاشياء, فهل قضي على كل الراغبين في تفجير انفسهم لكي تستدرج النساء ويقذف بهن في معمة التفجير وثقافة الموت؟ أسئلة كثيرة تصرخ في فضاء العقل لتوضح ازمة الفهم والقناعة التي استشرت مع انتشار داء الإرهاب الذي اضحى الخطر الأول على كل فكرة سلمية ومبدا شريف اصبح يستغل إما لأغراض سياسية أو معتقدات خاصة جداً لا تبقي ولا تذر في سبيل تحقيق طموحاتها وقناعاتها الطوباوية.