تحدثت في الحلقات السابقة عن تسكعاتي في عمان، ثم واصلت في التداعي التاريخي عن تشكيل إمارة شرق الأردن في أوائل العشرينيات الميلادية. وقلت إن المجتمع الأردني هو مزيج من السكان الأصليين في منطقة البلقاء ونزائع من القبائل النجدية والحجازية ومهاجرين من الشركس والشيشان والمسيحيين الذين وجدوا منذ القدم حول الكنائس والأديرة التاريخية، ثم أضف إلى هذا المزيج الديموغرافي خليطا من أبناء كل القبائل العربية النجدية الأصل التي تمارس ترحالها بين شمال المملكة (الحماد) وحتى تبوك وطول بادية الشام شمالاً وحتى أواسط العراق شرقاً، وقلت إن أبناء هذه القبائل الرحالة قد ألحقهم (كلوب باشا) الإنجليزي بالجيش العربي آنذاك، ثم تحدثت عن إغراءات كلوب (أبو حنيك) التي لا تتعدى المظهر اللافت للزي العسكري الذي ينسجم مع طبيعة أبناء البادية والراتب الذي كان مجزياً في ذلك الوقت، وأقول إضافة إلى القبائل الحجازية والنجدية التي التحقت بالشريف عبد الله بن الحسين حينما شكل إمارة شرق الأردن تلك القبائل التي أسهمت إسهاماً فاعلاً في كل الحروب العربية مع إسرائيل منذ النكبة ولربما إلى عام 1967م التي أصبح ينكر دورها اليوم وللأسف الشديد بعض أعضاء مجلس النواب الأردني ويعتبرون أبناءهم مواطنين من الدرجة الثانية وقد برز من أبناء القبائل النجدية شخصيات مهمة أسهمت في بناء الأردن الحديث مثل المرحوم مخلد الذيابي العتيبي الذي كان وزيراً للبادية ومندوب الملك للصلح بين العشائر وهو المسؤول عن قبائل الحجاز ونجد، وكذلك جويبر الثبيتي الذي كان مستشاراً بالديوان الملكي، وخالد الصحن الضفيري أحد أكبر قادة الجيش الأردني، والفريق خلف رافع العنزي الذي صدّ الهجوم السوري عن الأردن في أزمة أيلول، والعميد العيط مطر العنزي الذي كان له الدور الفاعل في إخراج المنظمات الفلسطينية من عمان في أيلول الأسود، وكذلك العميد الراحل سكران بن لافي الذي حمى السفارات الخليجية من النهب والاجتياح على أيدي الخارجين عن القانون وفلول المنظمات الفلسطينية في ذلك الزمان.
وقبل هذا وذاك يجب أن لا يغيب عن البال مجاهدو المملكة العربية السعودية الذين حاربوا في فلسطين في الـ(48) والجيش السعودي الذي رابط في الأردن بعد الـ(67) ورابط في سورية في الـ(73) وسنكمل الحديث.