مدير لشركة متوسطة أثنى على موظف سعودي يعمل في شركته ثناء لا حدود له مما حدا بي أن أسأله فيما إذا كان هذا الموظف قريبا أو صديقا حميما له، تبسم هذا المدير وقال لقد ذكرتني بحادثة وقعت مع الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قال المهاجرون لعمر ألا تدعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس؟ حيث ظنوا أن ذلك لأن ابن عباس من آل البيت أو لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد دعا له: (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل) فكانت إجابة سيدنا عمر رضي الله عنه أن له (لساناً سؤولاً وقلباً عقولاً).
أي أن هذه هي الفضائل الحقيقية التي جعلته حبراً للأمة، والتي جعلت عمرَ يقربه على صغر سنه.
فقلت له: ماذا تريد أن تقول؟ قال الأمر واضح فهو مواطن لا يقرب لي من قريب أو بعيد بل إنه من منطقة غير منطقتي، ولكن له لساناً سؤولاً وقلباً عقولاً، فهو يسأل عما لا يعرف ويبذل جهداً كبيراً ليعرف وينفذ ويراكم المعارف والمهارات لينجز دون أعذار، فقلت له: وماذا عن الجوانب الفنية؟ فقال لي إذا حصلت على موظف يتمتع بسمات ثقافية راقية تتناسب ومتطلبات العمل فتطوير المعارف الفنية من خلال التدريب والممارسة أمر غاية في السهولة.
والعكس صحيح فإن كان الموظف ذا سمات شخصية وثقافية متدنية فإنك تحرث في أرض بور مهما دربت وأعطيت من الفرص.
هذا الحوار حثني للتعرف منه على نوعية الثقافة السائدة لدى الموظفين السعوديين من خلال تجربته رغم أني على علم بأن ثقافتنا السائدة من أكبر العوائق التي تواجهنا في تنمية موارد بشرية وطنية منافسة محليا وخارجيا، ولقد كانت الإجابة كما تصورت ندرة هم أولئك الموظفون السعوديون الذي يحملون ثقافة تجعلهم عناصر منافسة للوافدين، حيث كثرة الأعذار وضعف الإنتاج والرغبة بالأعمال المكتبية التي يطغى عليها التنفيذ على التفكير.
تطوير القدرات الإنتاجية للفرد السعودي تستدعي ترسيخ ثقافة التساؤلات الجيدة للحصول على أجوبة جيدة أيضا بهدف تطوير المعارف، التساؤل دون تردد ودون خوف أو حياء فلا عيب أن نسأل عما لا نعرف والعيب كل العيب أن نعمل دون معرفة مع الادعاء بامتلاكها، ما يؤدي إلى نتائج غير مرغوبة تفضي لرغبة بفسخ العقود.
والسؤال من يرسخ ثقافة التساؤلات تلك؟ لاشك أن الثورة الاتصالية فعلت فعلها وأدت لتطور غير متوقع في هذه الثقافة وأملي في الجيل الجديد الذي لا يخجل من السؤال بل يراه الوسيلة الأمثل للوصول للمعارف التي تجعل منه عنصراً وطنياً منافساً.
ولا شك أن التعليم يجب أن ينهض بدوره في تطوير جيل جديد، جيل له (لسان سؤول وقلب عقول).
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 7842 ثم أرسلها إلى الكود 82244
alakil@hotmail.com