القرار غير المبني على حقائق موضوعية والذي وجهه لويس مورينو أوكامبو ضد الرئيس عمر حسن البشير جرى التعاطي معه بنقيض قصد المدعي العام حيث توحد النسيج الاجتماعي في السودان بكافة مكوناته ومتباين أطيافه وبات كتلة واحدة حتى أقوى معارضي النظام كالصادق المهدي تفاعل مع ذلك التكتل وأبدى تماهياً جلياً مع نظام البشير وتفاعل كل الزعماء وبينهم قادة الجنوب وبات القاسم المشترك بينهم هو القلق على مصير السودان وعلى مصير اتفاقية السلام التي تربط بين الشمال والجنوب والخشية من استحالة السودان إلى صومال من ضرب آخر مثلما جرى بعد رحيل الرئيس الصومالي زياد بري عندما تداعت دولة الصومال وتفكك نسيجها واستحالت إلى شيع متصارعة وقبائل متناحرة لم تزل غارقة في مستنقع أتون الحرب الأهلية الضروس إلى هذه الساعة.
قرار المدعي العام ارتكب حماقة إضافية عندما غض الطرف عن ضروب الفساد التي اجترحتها الجماعات المتمردة سواء في دارفور أو في هجومها المسلح الأخير على الخرطوم في شهر مايو الآنف. نعاين هذه الحماقة أيضاً في توقيته الخاطئ حيث تزامن مع استعداد السودان لخوض أول انتخابات برلمانية عادلة ونزيهة تروم تعميم قاعدة الحكم وإشراك القوى السياسية الوطنية في جبهة متحدة, بالإضافة إلى أن حكومة البشير أبدت تجاوباً أكبر وتفهماً أوسع لعدد من مطالب الدارفوريين بينها مطلب تعويض المدنيين في دارفور عن الخسائر التي لحقت بهم وطالتهم أضرارها على امتداد سنوات الصراع الخمس.
إن نظام الخرطوم كما أنه ارتكب عدداً من الأخطاء الجسيمة في معالجته لقضية دارفور فإن الأخطاء ذاتها ارتكبتها كل الأطراف الدارفورية، بل إن الأمم المتحدة نفسها تتحمل قدراً كبيراً من مسؤولية انهيار الموقف في دارفور حيث إنها لم تتعاط بجدية متكاملة بل تراخت في تنفيذ قراراتها بإرسال 26 ألفاً من قوات حفظ السلام إلى دارفور فحتى الآن لا يتجاوز عدد القوات تسعة آلاف جندي لا يتوافرون على أسباب المنعة من السلاح والعتاد!
Abdalla_2015@hotmail.com