تفاعل الأحداث في غزة بشكل دراماتيكي، ودخول إسرائيل على الخط باستقبالها الفارين من القطاع وإدخالهم مستشفياتها، يجعلنا نعيد الحديث عما تكلمنا عنه بالأمس، فإسرائيل وهي تستقبل أفراد عائلة حلس المحسوبين على حركة فتح، إنما تقدم على ذلك ولعابها يسيل إلى مزيد من التدخلات في الشأن الفلسطيني، وبحثها عن موطئ قدم في جو الاعتقالات والاقتتال والتخوين الذي احتدم بين عناصر الحكومة المقالة وحركة فتح، وهيمنت قناعاته وثأرياته على مجمل المشروع الفلسطيني, كبديل اهتمام وأولوية على قضية الحقوق الفلسطينية وانتزاعها من فك الغاصب المحتل. في ظل ما يجثم على الواقع الفلسطيني من ارتباك سياسي وانفلات أمني واحتراب أهلي، يظل هناك بريق أمل في عقلاء الجانبين من فتح وحماس ليسارعوا إلى لم شمل الأمر، وتحديد أطر العلاقة بين الحركتين على أساس وطني صرف يقطع الطريق على فوضى السلاح ومتطرفي المرحلة من الذين اتخذوا من حق المقاومة سبيلاً لاحتكار الوطن والهيمنة على خياراته مع إدراكهم أن ثقافة الإقصاء والتهميش، واعتماد لغة السلاح في مثل هذه القضايا لا تقود إلا إلى مزيد من الاحتقان وانفلات سبحة الوطن وتطاير حبيباتها غنيمة لإسرائيل ومتطرفي واقعها السياسي الذي ينضح إناءه الآن بزبد الحراك الحزبي بعد عزم اولمرت على الرحيل.
لقد دخلت القضية الفلسطينية او بالأحرى أدخلت إلى نفق مظلم انتزعها من شرف المقاومة إلى عار الاقتتال بين رفقاء السلاح، ثم الاحتماء بإسرائيل والفرار إليها واللجوء إلى مناطقها الآمنة، وهذا ما سوف يقود إلى أزمة فهم في علاقة السلاح الفلسطيني والتيار الحركي فيما بعد، حتى وان انزاحت الأزمة فإن التراكمات والإرهاصات تظل تحت الرماد تنتظر من ينفخ النار في شرر النفوس حتى تشتعل من جديد.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244