قرأنا أكثر من مرة.. عن العقوبات البديلة عن السجن.. وكان هذا الموضوع.. محل اهتمام اللجان المعنية.. وهو إجراء مطلوب.. لأن هناك أشخاصا أذنبوا وأخطأوا في حق المجتمع.. وفي حق أنفسهم.. فيستحقون العقوبة.. وهي العقوبات المعروفة أو عقوبات يقدرها القاضي حسب اجتهاده.
** هناك محاكم جزائية تقدر عقوبات.. منها السجن.. ومنها الجلد.. يجتهد القضاة - وفقهم الله- في تطبيق هذه العقوبات لزجر وردع المفسدين والمجرمين والمخطئين.. ولحفظ وصيانة المجتمع.. ومنع انتشار الفساد والفوضى والرذائل.. وتخويف من تسول له نفسه.. الوقوع في هذه المهالك.
** العقوبة مطلوبة.. وكل المجتمعات تطبق العقوبات.. وتختلف من مجتمع لآخر.. وهناك حدود شرعية ثابتة في كتاب الله لا ينبغي الحيدة عنها.. وهناك عقوبات اجتهادية تخضع لاجتهاد وتقدير القاضي.. وهو لا شك.. يتحرى الحق ويتحرى الأصوب.. ويحرص على إرساء العدالة وتطبيق الشريعة وحفظ المجتمع وردع المجرمين والمفسدين.
** وكنا قد قرأنا عن العقوبات البديلة عن السجن كما أسلفنا.. وهناك مجتمعات قريبة وبعيدة تطبق عقوبات بديلة عن السجون.. ذلك أن إبعاد رب الأسرة عن أسرته.. يعتبر عقاباً للأسرة نفسها.. عقاباً للزوجة وللأولاد والبنات.
** كما قد يقود إلى فساد بعضهم بعد غياب عائلهم ووليهم والمسؤول عنهم.. فبدلا من معالجة جريمة.. نسهم في صنع جرائم أخرى.
** هناك دراسات كما قرأنا.. عن عقوبات بديلة.. وهي محل - كما يبدو - اهتمام الجهات المعنية.. مثل وزارة الداخلية والعدل وغيرهما.. وهم لا شك.. حريصون على المجتمع وعلى أفراده.
** وكثيراً ما نسمع في الحوارات.. أحاديث عن العقوبات البديلة المقترحة كبديل عن السجن.. المترتب عليه تغييب شخص وسط السجون لسنوات وربما ترتب على ذلك.. إضاعة والديه أو أسرته.. أو ربما هي امرأة يضيع أولادها أو أسرتها.
** هناك مجالات اجتماعية يمكن تكليف المخطئ للعمل فيها كعقوبة بديلة عن السجن.. مثل القيام بخدمات اجتماعية أو القيام بأعمال قاسية صعبة.. كالزراعة أو استصلاح الصحراء أو القيام بأعمال شاقة تفيد المجتمع.. وتجعل هذا الشخص يشعر بخطئه مثل خدمة الناس والعمل في المؤسسات الاجتماعية.
** وهناك من اقترح تكليف المذنب المخطئ.. بعمل في بعض الدوائر.. مثل من اقترح إلزامه بالتعقيب في جهات معينة.. يكون التعقيب فيها شاقاً.. وإنشاء جهة تكون مسؤولة عن إنجاز معاملات الناس لدى الدوائر الحكومية وغيرها.
** ويظهر لي.. أن أقسى عقوبة وأقوى رادع.. هو تكليفه بالتعقيب مثلاً في مكتب الاستقدام بالرياض - التابع لوزارة العمل - إذ إن التعقيب في هذه المكاتب هو أقسى عقوبة يمكن أن يتعرض لها شخص.. فهناك الأمور (حوسة) والأصوات والصراخ و(نزْق) الموظف على المراجع تسمعه من مسافة بعيدة.
** غير أن الخوف.. هو أن يترتب على تطبيق هذه العقوبة وإلزام المخطئ والمذنب بالتعقيب في هذه المكاتب.. أن يصاب بأمراض خطيرة كالسكر والضغط وأمراض القلب.. أو ربما بجلطة أو أصيب بسكتة أو حالة نفسية لا تعالج.
** أعود وأقول.. لنفكر في العقوبات البديلة بشكل جاد.. فهناك مجالات كثيرة لإيقاع هذه العقوبات.. والأمر متروك لعلمائنا الأجلاء وللمسؤولين ولأصحاب الشأن وكان الله في عون من يعقب في مكاتب الاستقدام وهو غير معاقب.