يعد (لارشفوكو) من أشهر كتاب الكلمات الجامعة والحكم السائرة في الأدب الفرنسي بل في الأدب الأوروبي على وجه العموم، ولقد أسهمت مؤلفاته كما يقول عنها (فولتير) في كتابه (عهد لويس الرابع عشر) أكبر إسهام في تكوين ذوق الأمة الفرنسية وبث روح العدالة والميل إلى الدقة والإحكام،
ومن أشهر كتبه على الإطلاق كتاب (الحكم) والذي اشتمل على خلاصة فلسفة حياته وعميق نظراته في الطبيعة الإنسانية سنة 1665م ومما جاء فيه من الحكم والتي أرى أهميتها ووجوب التوقف عندها ما يلي:
- حب النفس يفوق في مكره أعظم الماكرين.
- الهوى يجعل الناس حمقى ويمنح الحكمة لأسخف الناس.
- عندنا من القوة ما يكفي لاحتمال متاعب الغير.
- شيئان لا نستطيع إطالة النظر إليهما (الشمس والموت).
- الحسد ضرب من الجنون يجعلنا لا نحتمل امتلاك غير لأي شيء.
- لو كنا أبرياء من العيوب لما وجدنا سروراً جماً في الاطلاع على عيوب الغير.
- المصلحة الذاتية تتحدث بجميع اللغات، وتلعب كل الأدوار حتى دور البراءة من المصلحة الذاتية.
- الذين يشتغلون بصغائر الأمور في العادة يصبحون عاجزين عن كبارها.
- الصراحة هي أن يفتح الإنسان مغاليق قلبه ولا نراها إلا في القليلين وما نراه في العادة هو نوع من الرياء المصطنع لكسب ثقة الغير.
- تتوقف سعادة الناس أو شقاؤهم على مزاجهم أكثر مما تتوقف على الحظ.
- الصمت أسلم سياسة إذا لم تكن واثقاً من نفسك.
- يولع العجائز بتقديم النصائح لأنهم عاجزون عن تقديم القدوة السيئة.
- لاشيء نبذله في سخاء مثل النصيحة
- من السهل أن نخدع أنفسنا دون أن نلحظ ذلك ولكن من الصعب أن نخدع غيرنا دون أن يلحظوا ذلك.
- الطريق الأكيد لكي نخدع هو أن نظن أنفسنا أوسع حيلة وأكثر مكراً من الآخرين.
- كفايتنا تكسبنا احترام الرجال الصادقين، أما الحظ فإنه يكسبنا احترام الشعب.
- التملق عملة زائفة يروجها غرورنا.
- المدح صورة مستترة ماكرة رقيقة من صور التملق ترضي المادح والممدوح بطريقين مختلفين فالممدوح يقبله بوصفه الجزاء المناسب لمزيته والمادح يقدمه ليلفت النظر إلى عدالة أحكامه وحسن تمييزه.
- مهما كان العمل باهراً فإنه لا يعد عظيماً إلا إذا كان وراءه غرض عظيم.
- أسهل لنا أن نبدو جديرين بالمراكز التي لا نشغلها من أن نكون جديرين بالمركز الذي نشغله.
- ليس الندم أسفاً على الشر الذي اقترفناه بمقدار ما هو خوف من الشر الذي قد يصيبنا من جرائه.
- الرجل الذي يظن أنه يستطيع أن يكتفي بنفسه ويستغني عن الناس جميعاً يخطئ خطأ كبيراً، ولكن الرجل الذي يظن أن الآخرين لا يمكن أن يستغنوا عنه يرتكب خطأ أكبر.
- قيمة الإنسان كالفاكهة لها أوانها.
- لو عرف الناس الدوافع الكامنة وراء أنبل أعمالنا لخجلنا منها.
- معرفة الإنسانية بوجه عام أيسر من معرفة إنسان بعينه.
- لا تقدر قيمة الإنسان بصفاته العظيمة وإنما بطريقة انتفاعه بهذه الصفات.
- لوأحسنا فهم ما نريد لحرصنا على طلب أشياء قليلة.
- آراء أعدائنا فينا أقرب إلى الحق من آرائنا في أنفسنا.
- الإساءة إلى معظم الناس ليست خطراً مثل الإسراف في الإحسان إليهم.
- ما يبدو لنا كرماً في الأغلب هو طموح متنكر يحتقر الفائدة الصغيرة ليظفر بالمنفعة الكبيرة.
- العاقل يؤثر ألا ينزل إلى الميدان على أن يحارب وينتصر.
- البعد يطفئ اللواعج الضعيفة ويزيد اللواعج القوية اشتعالاً مثل الريح التي تطفئ الشمعة وتلهب الحريق.
- عرفان الناس للجميل ليس سوى رغبة خفية في تلقي منافع أعظم.
- السرور العظيم الذي نستشعره في الحديث عن أنفسنا يجب أن يحذرنا من أن الذين يستمعون إلينا لا يشاركوننا في هذا الشعور.
- نعلم العلم كله أنه من فساد الذوق أن نتحدث عن زوجاتنا ولكننا لا نحسن معرفة أن من فساد الذوق أن نتحدث عن أنفسنا.
- العقلاء في رأينا هم الذين يوافقوننا على آرائنا.
هذه بعض الحكم التي قدمها (لارشفوكو) للطبع بنفسه، وهناك حكم مماثلة طبعت بعد مماته بعد أن وجدت ضمن أوراقه الخاصة في منزله، وحق مثل هذه الحكم جميعاً الوقوف عندها والتأمل فيها وقراءة واقعنا من خلالها، و(الحكمة ضالة المؤمن أنا وجدها فهو أحق بها).. بقي أن أقدم في نهاية هذا المقال اعتذارا خاصا للقارئ الكريم لإيراد هذه الحكم سرداً دون الحديث عنها حرصاً على الاستماع لهذا الحكيم البارع بعيدا عن الإسقاطات الذاتية أو محاولة إضفاء الفهم الخاص على المراد دون مراعاة لاختلاف المدركات والمفاهيم، ولتكون هذه المقالة بمثابة محطة الاستراحة الهادئة بعيدا عن معطيات الواقع المعاش وإيقاعات الأحداث المعاصرة اليوم.