ولد الشيخ فوزان السابق الفوزان في بريدة عام 1275هـ، وطلب العلم في شبابه على الشيخ سليمان بن مقبل، وعلى الشيخ محمد بن سليم، ثم انتقل إلى الرياض، وأخذ عن الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن، وسافر للهند وأخذ عن محدث الهند الشيخ نذير حسين، في أسفاره ورحلاته في العراق ومصر والشام وجالس العلماء وأخذ عنهم وكان له خط جميل، وله مكتبة من أكبر المكتبات أوقفها لمكتبة بريدة العامة بطلب من العلامة الشيخ عمر بن سليم رحمه الله، وقد كتب بخطه عدة كتب منها النونية لابن القيم كتبها على رأس القرن الثالث عشر.
كذلك قام بعمل فهرس منظم لقواعد ابن رجب، وكذلك ألف كتاب (البيان والإشهار لكشف زيغ الملحد مختار) وقد بين فيه حقيقة التوحيد ودعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ويقول الدكتور محمد الشويعر قرأت على سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله جزءاً من هذا الكتاب فأعجب بهذا الكتاب وبسعة علم المؤلف، وقال ما كنت أظنه بهذا العلم والاستيعاب العلمي فقهاً وعقيدة وترحم عليه، وأثنى على مكانته وسمعته وما ظهر له من علمه.
وكان الشيخ فوزان يشتغل بتجارة الإبل والخيل والمواشي حتى اختاره الملك عبدالعزيز ليكون سفيراً له في دمشق ثم نقله إلى مصر وبقي هناك إلى آخر حياته وتمسك به الملك عبدالعزيز لأنه يرى في وجوده على رأس العمل إنما هو للبركة، فكان للشيخ دور في تعريف المصريين بدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأن الدولة السعودية مناصرة للتوحيد على مذهب أهل السنة والجماعة في الأصول وفي الفروع على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، وقد شرح هذا الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله في ترجمة الشيخ فوزان بعد فواته ذكر فيها فضائله وشيئاً من أعماله وصفاته والشيخ حامد هو الذي غسله وكفنه بعد وفاته بوصية منه، وقد سعى الشيخ فوزان مع الملك عبدالعزيز رحمه الله في طباعة عدة كتب مثل المغني والشرح الكبير وتفسير ابن كثير والبغوي ومجموعة التوحيد والحديث ومجموعة المتون والرسائل والمسائل النجدية، وقد أشرف عليها الشيخ محمد رشيد رضا ووزعت على نفقة الملك عبدالعزيز رحمه الله.
وكان الشيخ فوزان رحمه الله من رجال الدين والدنيا ومن أهل الفضل، فقد كان منزله بمصر أكثر من أربعين عاماً موئلاً وملجأ لأهل نجد، ولم يكن يجهل أحوال المقيمين هناك، بل كان يتفقد أحوالهم ويساعد المحتاجين منهم، وكان يخصص للفقراء والمحتاجين منهم مخصصات شهرية، ولما توفي أتوا للسفير بعده يظنون أنها من السفارة. فقال لهم السفير الذي بعده: ليس عندنا لأحد منكم شيء، فعرفوا أنها من مال فوزان وليست من السفارة.
وكان إذا علم على أحد من الرعايا السعوديين ما يوجب نصحه استدعاه ونصحه وربما أمره بمغادرة القاهرة.
وقد عمر الشيخ فوزان السابق حتى قارب المائة عام، ولم يفقد شيئاً من حواسه بل إن تجاربه وعقليته زادت على مر السنين، وتوفي في القاهرة عام 1373هـ عن ثمان وتسعين سنة قضاها في العلم والعبادة وخدمة الدولة والمجتمع فرحمه الله وعفا عنه، وتوفي في العام الذي توفي فيه الملك عبدالعزيز رحمه الله.
* مدير مركز علاقات الإنسان بالقصيم