Al Jazirah NewsPaper Sunday  03/08/2008 G Issue 13093
الأحد 02 شعبان 1429   العدد  13093
د. آل دهيش في رد على د. المزيد
قولك مردود جملة وتفصيلاً
أ. د. عبداللطيف بن عبدالله بن دهيش

لقد اطلعت على تعليق د. أحمد بن عثمان المزيد في صفحة الوراق بصحيفة الجزيرة العدد 13058 يوم الأحد 25-6-1429هـ الموافق 29-6-2008م على المقال المنشور في صفحة الوراق بصحيفة الجزيرة العدد 13051 يوم الأحد 18-6- 1429هـ الموافق 22-6-2008م بعنوان (من أعلام أسرة آل دهيش) للأستاذ حمود بن عبدالعزيز المزيني.

ولي على ما أورده الكاتب د. أحمد المزيد وغيره بعض الوقفات العلمية التوثيقية على أساس بحثي بعيداً عن التشنجات:

أولاً: إن استشهاد الكاتب د. أحمد المزيد على أن آل دهيش لم يبق منهم أحد استناداً إلى ما قاله ابن منقور والفاخري، فهو قول مردود جملةً وتفصيلاً؛ لأننا نحن آل دهيش موجودون، ولله الحمد، وردنا على مَن استند إليهم كما يلي:

- يقول المؤرخ أحمد بن منقور: (وقتل حمد بن علي راعي المجمعة، ثم آل دهيش في المجمعة)، وهنا لم يقل قتل آل دهيش، بل كان القتل لشخص بعينه هو حمد بن علي حاكم المجمعة. وقوله: (آل دهيش في المجمعة) لا يعني شيئاً؛ لأن فيهم الرجال والنساء والأطفال ممن فروا إلى حرمة خوفاً من الإبادة التي قد ترتكب ضدهم. كما أن هذه العبارة خاصة بما وقع من قتال لآل دهيش في المجمعة ذاتها قبل رحيلهم إلى حرمة، وهذا واضح من قوله (في المجمعة).

- وقول المؤرخ الفاخري: (وقتل حمد بن علي راعي المجمعة، وقتل آل دهيش..). هذا نقل عن ابن منقور، ولكنه زاد عليه: وقتل آل دهيش فمن أين جاء بكلمة (قتل)، وينطبق على هذا القول ما قلناه أعلاه. وهنا نستغرب التفاخر بأعمال القتل والتشريد من أجل أطماع دنيوية؟!!. وعلى أية حال فإننا نرد ذلك فنقول له: بأن هذه العبارة لا تفيد قتل الجميع، وهي كلمة دارجة عند المؤرخين القدامى، كما يتضح ذلك في الكتب التالية:

1- ففي تاريخ ابن عباد ص (60) يقول: (وفي سنة 1080هـ ذبحة الأشراف، قتلهم آل الظفير)..؟!

لقد أثبتت الأيام وجود الأشراف!!!

2- وفي تاريخ الفاخري ص (107) أحداث عام 1103هـ يقول: (وفيها سطوة آل جماز في جنوبية سدير، وقتلة آل غنام). فهل قتل آل غنام كلهم؟

3- كما أن المؤرخ محمد بن ربيعة يقول في ص (54) يقول: (وقتلوا آل تميم في مسجد القارة)..؟

فهل لم يبق من آل تميم أحد؟!! إن الحقائق التاريخية تنفي ذلك.

4- وفي أحداث عام 1111 هـ يقول ابن ربيعة: (وفيها قتلوا آل شقير، قتلوهم أهل العودة)..؟!!

فهل قتل آل شقير كلهم؟!

5- وفي تاريخ ابن يوسف ص (115) أحداث عام 1135هـ فيقول: (وأصبحوا أهل أوشيقر، ونقبوا البيبان، ثم قتلوا آل قاضي). فهل جرى قتل آل قاضي كلهم؟

6- والمؤرخ الأحسائي الشيخ محمد بن عبدالقادر آل عبدالقادر قال في كتابه (تحفة المستفيد بتاريخ الأحساء في القديم والجديد) يقول في حديثه عن بلدة المقدام: (وفيها من العرب آل صقيه وآل فياض. وقد فني آل فياض لم يعد منهم أحد). والحقيقة أن أسرة آل فياض موجودة في قطر وهي من الأسر الكبيرة.

ونحن نسأل د. أحمد المزيد وغيره: هل من قيل بأنهم قتلوا، وآخرهم آل قاضي، وآل فياض، وغيرهم.. ليسوا موجودين بيننا اليوم؟ وهل القتل شمل الرجال والنساء والأطفال؟ إذا كان كذلك فهذه عملية إبادة جماعية.. ولكنها من المبالغة في الوصف عند بعض المؤرخين؟ والأمثلة على ذلك كثيرة لا يسع المجال لحصرها.

والمعروف أن أحمد بن منقور أرخ للأحداث التي وقعت حتى تاريخ 1123هـ وتوفي عام 1125هـ، وقد أثبتت كتب التاريخ، ومنها كتاب ابن بسام (تحفة المشتاق) عن وجود آل دهيش في عام 1137هـ في حرمة حيث يقول: (وفيها - 1137هـ - قتل عثمان بن ناصر بن حمد بن إبراهيم بن حسين بن مدلج الوائلي من رؤساء بلدة حرمة، قتلوه أهل المجمعة في حرب آل دهيش بن عبدالله الشمري هم وبنو عمهم آل سيف بن عبدالله الشمري رؤساء بلد المجمعة وكانوا أهل حرمة قد قاموا مع آل دهيش لكون آل دهيش رحلوا من بلد المجمعة ونزلوا بلد حرمة..) وهذا ينفي ما استدل به أحمد المزيد في أن آل دهيش قد قتلوا في عام 1098هـ، ويؤكد أيضاً مدى الخلط الذي ذهب إليه أحمد المزيد، والقراءة الخاطئة للتاريخ.

ثانياً: استند الكاتب المزيد إلى قول المؤرخ حمد بن لعبون (وقد انقطعوا آل دهيش بن عبدالله الشمري ما نعلم منهم أحد). والرد على ذلك من وجوه:

1- ان ابن لعبون يقول عن الأسر التي انقرضت (إنقرضت)، فهو يقول في صفحة (102) من كتابه (تاريخ حمد بن لعبون): (وآخر ذرية إبراهيم بن محمد. أحمد، وانقرضوا). ويقول أيضاً: (وكذلك مانع ومدلج، انقرضوا). أما آل دهيش فقال: انقطعوا؛ مما يفيد أن هنالك فرقاً في معنى العبارتين، وإلا لقال عن آل دهيش: انقرضوا..!

2- إن وفاة ابن لعبون متأخرة؛ فقد توفي عام 1260هـ. وهذا يعني أنه غير معاصر للأحداث التي حدثت عام 1098هـ والتي استند إليها أحمد المزيد.

3- كما أن عبارة ابن لعبون لا تفيد انقراض آل دهيش بما فيهم الرجال والنساء والأطفال، كما أشار الكاتب المزيد، بقدر ما تفيد عدم علمه بوجودهم وانقطاع أخبارهم عنه، وعدم علمه بوجودهم لا ينفي كونهم موجودين في مكان آخر غير المجمعة، وكونه لا يعلم لا يعني عدم وجود الشيء، وهذا هو منهج المحدثين والرواة الثقات.

4- إن الشيخ حمد الجاسر - رحمه الله - نقل قول ابن لعبون عند تطرقه إلى ذرية عبدالله الشمري، ولم يعلق على ذلك، لا بأنهم موجودون، ولا بأنهم منقرضون؛ ومن هنا فإنه لا دليل يؤخذ منه بهذا الشأن.

ثالثاً: استند الكاتب المزيد إلى ما قاله المؤرخ إبراهيم بن عيسى: (سألت أهل المجمعة عن عبدالله الشمري.. إلى أن قال: وأن آل دهيش بن عبدالله الشمري قد انقطعوا ما يعلمون منهم اليوم أحد).

والرد على ذلك بالتالي:

1- أنه يظهر من ذلك سؤاله لنفر من أهل المجمعة فقط دون غيرهم من بلدان أخرى، فهو لا يمكنه أن يسأل كل أهل المجمعة واحداً بعد الآخر، ولم يبين مَن هم الذين سألهم؟ يظهر أن الذين سألهم هم أبناء عمومتهم من ذرية عبدالله الشمري الذين سبق أن أسهموا في قتالهم وإجبار من نجا منهم على الخروج من المجمعة طلباً للأمان خوفاً من الإبادة التي تشن ضد آل دهيش من أبناء عمومتهم. من هنا جاء تشويه الحقيقة أمام المؤرخين، وكان من واجب المؤرخ ابن عيسى - رحمه الله - السؤال عن ذرية آل دهيش في بلدان نجد الأخرى؛ فقد التزم بأسلوب مؤرخي هذا الزمان حين قال: سألت أهل المجمعة وذلك لبيان مصدر الخبر؛ لأن الثابت وجود آل دهيش في تلك الفترة في مرآت وليس في المجمعة.

2- أن إبراهيم بن عيسى مؤرخ متأخر - توفي في عهد الملك عبدالعزيز عام 1343هـ - رحمهما الله - كما أنه سأل أناساً بينهم وبين حادثة الاختلاف بين ذرية عبدالله الشمري ومنهم آل دهيش أكثر من قرنين، وهذا كاف لثبوت جهلهم بما سئلوا عنه.

3- أن المؤرخ ابن عيسى ذكر في بعض المسائل التاريخية مجموعة من الأخبار ثبت عدم تثبته من حقيقة ما يرويه، ويتضح ذلك مما ذكره ابن عيسى من أن ذرية سيف العتيقي - العالم المعروف - انقطعوا، ولا يوجد منهم أحد، والواقع يخالف ما ذكره؛ فذرية سيف العتيقي موجودون بيننا في المملكة وفي الكويت، وقد رد الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله التويجري على ابن عيسى في كتابه (الإفادات) وبين خطأه.

رابعاً: أما عن قول الكاتب المزيد بأن كتاب القاضي، والحقيل، ومقال راشد الغفيلي لم يشر أي منهم إلى انتساب آل دهيش أهل مرات لعبدالله الشمري، فهذا غير صحيح. وردنا على ذلك بالتالي:

1- أن الشيخ عبدالله البسام في (تحفة المشتاق) يقول ما نصه: (عندما قام حمد بن علي بن سيف بقتل أفراد آل دهيش وثار على القاتل ثلة منهم وتغلبوا عليهم ورحلوا إلى حرمة من المجمعة ثم إلى مرات عام 1194هـ، وقد أكد ذلك الشيخ محمد بن عثمان القاضي في كتابه (روضة الناظرين) وكتابه (الموسوعة في تاريخ نجد وحوادثها ووفيات أعيانها) (بأن آل دهيش من مدينة المجمعة وأنهم ينتمون إلى شمر، وقد انتقلوا من المجمعة إلى حرمة ثم إلى مرات عام 1194هـ)، ص (70).

2- أن انتقال آل دهيش من حرمة إلى مرات نتيجة للحرب التي نشبت بين جيش الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود في سنة 1194هـ وأهل حرمة؛ فتهدم بعض بيوتها، ففضل آل دهيش من أحفاد عبدالله الشمري الرحيل منها إلى مرات واستقروا بها، حالهم حال الأسر التي هاجرت من حرمة بعد تهدم سورها وبعض بيوتها ومزارعها.

3- لقد ذكر عبدالرحمن المغيري في كتابه (المنتخب في ذكر أنساب قبائل العرب) ما نصه: (ومن بطون آل مغيرة الجباري مسكنهم مرات وكانوا من أقدم أهلها فانقرضوا إلا القليل. ومن أشهرهم عبدالله بن علي الجبري الذي ترأس في بلدة مرات سنة 1236هـ حين ظهر الترك على نجد، وقد عاون الجبري هذا آل دهيش) ص 267. وهذا ما يؤكد أن آل دهيش أحفاد عبدالله الشمري كانوا في تلك الفترة في مرات ولهم شأن عظيم.

4- وذكر ذلك الأستاذ عبدالعزيز الحقيل في كتابه (المجمعة وحرمة) ص (121) في ترجمته لوالدنا الشيخ عبدالله بن دهيش.

5- وأشار إليه الأستاذ راشد الغفيلي في مقاله في وراق صحيفة الجزيرة العدد 10489 بتاريخ 25- 3-1422هـ.

خامساً: أما عن قول الكاتب المزيد: (من هم كبار السن الذين يقولون بأن لآل دهيش بيتاً قديماً في المجمعة..).

فتقول: بأن هذا ثابت لدينا، كما ذكر الأستاذ الباحث حمود المزيني أحد أبناء المجمعة المخلصين بقوله: (إنني من المهتمين بالبحث في التاريخ والآثار، وكلفت عام 1406هـ من قبل اللجنة المنظمة للاحتفال بمرور خمسين عاماً آن ذاك على افتتاح أول مدرسة نظامية في المجمعة، وهي المدرسة السعودية بعمل بحث عن المجمعة والتعليم فيها، ثم كلفت عام 1418هـ من قبل وكيل وزارة التربية والتعليم للآثار والمتاحف ببحث عن الآثار بمحافظة المجمعة، وبحث آخر عن التعليم في المحافظة كان مرجعاً لموسوعة التعليم التي أصدرتها الوزارة، وقد رجعت آن ذاك إلى كبار السن الموجودين في الكثير من المعلومات المدونة، وكان من ضمن ما كنت أسأل عنه: هل بقي آثار لآل دهيش؟ فكانوا يفيدونني بأن هنالك مسجداً لهم وبيتاً قديماً وملك نخل قديم. كل ذلك قبل وثيقة المسجد الموجودة لدينا، والتي تنص على اسمهم صراحة. وكان ممن سألتهم الآتية أسماؤهم: أحمد بن محمد بن حسن، عبدالرحمن بن عبدالله التويجري، خالد بن عبدالعزيز الهويدي، حمد بن ناصر التويجري، ووالدي عبدالعزيز بن ناصر المزيني، وكل هؤلاء مثبتون في مراجعي للبحوث المشار إليها). انتهى قول الأستاذ حمود المزيني وفيه ما يؤكد وجود أملاك لآل دهيش في المجمعة سنقوم بإعادة إحيائها إن شاء الله.

سادساً: أما قوله بعدم ذكر آل دهيش في الكتب التي قال الكاتب أحمد المزيد بأنها بين يديه.. فنحن نرد عليه بأن يذكر لنا ما هي تلك الكتب؟ وأن هذا لا يعني أن آل دهيش بن عبدالله الشمري ليسوا موجودين. وها نحن نقول إن بعض أجدادنا بقوا في مرات وبعضهم انتشروا في بقية أرجاء المملكة في ظل حكم آل سعود الذين نشروا العدل والأمن والسلام والاستقرار في ربوع المملكة بفضل من الله وتوفيقه.

سابعاً: أما عن قيامنا بإعادة بناء مسجد أحد أجداد الأسرة وهو يحيى بن دهيش - رحمه الله - فهو عمل نريد به وجه الله؛ فلماذا يغضب د. أحمد المزيد من عمل الخير؟! وهو من المتخصصين في العقيدة ويدعو إلى اتباع توجيهات الله - سبحانه وتعالى - فقد قال عز وجل: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِر} التوبة. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة).

وختاماً.. فإنه من المؤسف أن يستمر هذا الاختلاف بيننا حتى هذا الزمان ومحاولة طمس الوقائع ونحن نعيش في عهد الأمن والرخاء والازدهار في ظل حكومتنا الرشيدة، أعزها الله، وقد سبق لنا إعداد كتاب نسب الأسرة منذ عهد قديم، وقد تم طبعه عام 1406هـ وتوزيعه على أفراد الأسرة، وفيه الكثير من التفصيل وتأكيد انتساب أسرة آل دهيش إلى جدهم عبدالله الشمري.

فليعلم د. أحمد المزيد أننا أثبتنا هنا بالأدلة والبراهين التاريخية الثابتة بطلان كل ما حاول الاستدلال به بأن أسرة آل دهيش من أحفاد عبدالله الشمري لا يعلم منهم أحد. وأن لا يحاول طمس التاريخ بأقوال واهية أثبت التاريخ والواقع بطلانها في حقنا وحق أسر أخرى مثلنا، وأن يعود إلى صوابه فالحق أبلج، وأن يسعى الجميع إلى البعد عن إحياء البغضاء والفرقة؛ لأن ذلك من صفات المؤمن.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.

أستاذ التاريخ - جامعة أم القرى



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد