هنالك آراء متعددة متناقضة في الأحداث الكبرى التي تجري في هذا العالم، وهنالك ضجيج إعلامي ضخم يمكن أن يغيِّر الحقائق، ويقلب الموازين، ويشغل الناس بصغائر الأمور عن كبائرها، وبتوافه القضايا عن عظائمها، وبجزئيات الأشياء عن كلياتها. |
ومشكلة هذه الآلة الإعلامية التي تدار - غالباً - في العالم بأيدٍ غير نظيفة، وعقولٍ غير مستقيمة، ونفوس غير مستقرة، أنها ساحرةٌ لعامة الناس، قادرة على تشتيت أذهانهم من جانب، وغزو عقولهم، وخلخلة إيمانهم بمبادئهم، والانحدار بأخلاقهم، وإضاعة أوقاتهم من جوانب أخرى. |
وهذا الدَّور الخطير الذي تقوم به وسائل الإعلام ذات الإمكانات الضخمة، هو الأخطر في معركة الفضيلة ودعاتها، مع الرذيلة وغُواتها، وهو الأخطر في الإمساك بتلابيب الوعي البشري والتشويش على الفهم الصحيح للأحداث والمواقف والأشخاص. |
في خضمِّ هذا الطوفان الإعلامي الجارف تختفي كثير من الحقائق، وتنهار كثير من القيم، وتهتز كثير من المبادئ التي كانت راسخة في نفوس الناس، وتصبح الأكاذيب (المدروسة) أكثر رواجاً، وأوسع انتشاراً، وأعظم أثراً في نفوس معظم المتلقين وهنا تختلط الأوراق، وتضيع أصوات العقول الراجحة في صخب الأبواق، وتروج الأفكار المزيفة كما تروج البضائع المزوَّقة في الأسواق، ويشعر أصاب الرُّؤى الثاقبة، المدركون لحقائق الأشياء، العارفون بما وراء الكواليس، بخيبة أملٍ كبيرة، وشعورٍ بالهزيمة المرَّة لأنهم لا يستطيعون أمام هذا المارد الإعلامي أن يوصِّلوا ما يعرفون من الحقائق إلى الناس، وإذا أتيح لهم أن يوصلوا بعض ما لديهم اصطدموا بوعي الناس المشوَّش بسبب ما رسخ في أذهانهم من أباطيل الإعلام، وأكاذيبه التي ترتدي - زوراً وبهتاناً - رداء الحقائق والمسلَّمات من الأمور. |
هنالك - من العلماء الغربيين - من أعلن أن ادعاء الإنسان المعاصر الوصول إلى سطح القمر أكذوبة كبرى، وأن ذلك أسلوب من أساليب الدعاية التي تضخم صورة الدول الكبرى في نفوس البشر، وأن الصور التي تعرض على الناس ويروَّج لها ليس لها علاقة بسطح القمر، وإنما هي من مواقع في محيط الأرض لها خصائص في تكوينها وجاذبيتها، وهنالك من اكد بالأدلة المختلفة أن ما جرى للبرجين الأسطورتين في الحادي عشر من سبتمبر أكذوبة كبرى، وادَّعاء واضح، وإخراج (هوليودي) من النوع الصَّارخ كان نجاحه باهراً، وكان ضغط وسائل الإعلام من خلاله على أذهان الناس وعقولهم هائلاً، ولهذا أصبح حقيقة وما هو بحقيقة. |
وهنالك من يرى أنَّ ما تعرضه بعض الوسائل من كلماتٍ لبعض الأشخاص المشهورين في عالم السياسة والحرب في هذه المرحلة، إنما هي أعمال مركبة (مدبلجة) وأنها جانب من جوانب التضليل الإعلامي الكبير ولا سيما أنها تعلن وتذاع في أوقات مختارة تخدم أهدافاً سياسية وعسكرية لا تخفى على المتابع المتأمل، ولو سأل المتلقي نفسه سؤالاً واضحاً عن السبب في اختيار قنوات معينة لهذا الغرض، واختيار أوقات مناسبة تماماً، لها علاقة بمصلحة واضحة لإحدى الدول المالكة زمام الإعلام المؤثر، لتوقف عن القبول المطلق لما يراه من الصور ويسمعه من الكلمات، لأشخاص ربما كان بعضهم في عداد الأموات. |
وهنالك من العلماء والخبراء من يؤكد أن كثيراً مما يدور أمام الناس من مؤتمرات ولقاءات سياسية كبرى، وندوات عسكرية يعرضها الإعلام عرضا مدروساً، لا يعبر عن حقيقة ما يجري وراء الكواليس من اتفاقات وسياسات وقرارات، ولو ظهرت الحقائق لصدمت الناس صدمة نفسية عنيفة. |
يا ترى, لو كانت هذه الآراء المطروحة حقائق، ولو اكتشف الناس المسحورون بالإعلام أنَّ الحقائق غير ما يشاهدون ويسمعون، فماذا بربك يصنفون؟! |
|
نعمة الإسلام أغلى نعمةٍ |
تتلاشى عندها كلُّ النعم |
www.awfaz.com |
|