الاستراتيجية الأمريكية الجديدة التي كشف عنها تقرير وزارة الدفاع البنتاغون والتي تتمحور حول الحرب الطويلة الامد على الإرهاب، والتي قدمت على اخطار حرب متوقعة مع الصين أو روسيا, توضح كثيراً من ملامح النسق الدولي القادم والكثير من قناعاته, فبلاشك أن آفة التطرف والإرهاب والتي ليست مقتصرة على الدين الإسلامي كما يريد البعض الصاقها به، فهي شاملة أيضاً حتى للأديان الأخرى وللايدولوجيات الغربية والليبرالية منها بالذات والتي لاحظنا تطرفها في قضية الرسومات المسيئة للرسول الكريم (عليه الصلاة والسلام)، من هنا نؤكد ان افة التطرف والإرهاب التي ابتليت بها الإنسانية لا تتوجب حلولا عسكرية او فكرية فقط، بل هي تحتاج إلى قطع الطريق على أرباب هذه الآفة ومستغلي الاوضاع لتضخيمها، ولعل السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط تحمل جزءاً كبيراً من هذا الامر، فالانحياز الأمريكي إلى إسرائيل ومحاباتها في اهتضام حقوق الفلسطينيين، واحتلال العراق، وعسكرة القضايا الدولية من خلال الاعتماد على عصا البطش العسكرية الأمريكية، وتغييب دور الأمم المتحدة، والقفز على قراراتها، أو احباطها بالفيتو، لعبت دوراً مهماً في تمهيد الطريق أمام دعاة التطرف واصطيادهم في الماء العكر. وهو الأمر الذي نبهت له الكثير من الدوائر الإعلامية والسياسية المستقلة في شتى أنحاء العالم حتى من الداخل الأمريكي.
يتوجب على الادارات الأمريكية سواء كانت الحالية او القادمة جمهورية كانت او ديمقراطية، ان تضع تحت عين مجهرها الكثير من سياساتها في التعامل مع القضايا العربية والاسلامية, وان تحاول احداث اكبر قدر من تعديل ميزان عدالتها خصوصاً في علاقتها مع الكيان الإسرائيلي، التي ظلت ممارساته وعنجهيته وعلى مدى اكثر من ستين عاماً رافداً مهماً وجوهرياً في زرع اليأس واحباط الشعوب ومن ثم فتح الطريق على مصراعيه امام الكثير من دعاة التطرف الذين يبحثون عن مواطئ الاقدام في مثل هذه القضايا.