فتحت حادثة السطو المسلّح على أحد البنوك بحائل ملف الحراسات الخاصة، وأمن المصارف والمخاطر المتربصة بالمنشآت المصرفية، مرتاديها، والعاملين فيها. لم تكن عملية حائل هي الأولى من بين عمليات السطو الموجّهة نحو البنوك السعودية، بل سبقتها عمليات أخرى لم يرق معظمها إلى مستوى احترافية التنفيذ، ما يخرجها من محيط (الجريمة المنظمة).
تعتمد المصارف السعودية على قوى الأمن، إضافة إلى الحراسات الأمنية الخاصة في تحقيق أمنها وسلامة مرتاديها، وترتبط مع مراكز الشُرط بشبكات إنذار متطورة تضمن لها سرعة تدخل قوى الأمن لمعالجة الأزمات، إضافة إلى تجهيزاتها التقنية التي يفترض أن تساعدها كثيراً في تفادي عمليات السطو بكل يسر وسهولة .. تستثمر المصارف أموالاً ضخمة في التقنية الأمنية، لكنها تتساهل كثيراً في عنصر الكفاءة الواجب توفرها في أفراد الحراسات الخاصة. كفاءة غالبية الحراسات الخاصة، وضعف تجهيزاتها الشخصية لا ترقى إلى مستوى توفير المتطلبات الضرورية لأمن المصارف.
الأمر لا يتوقف عند كفاءة الحراسات وتجهيزاتها الشخصية، بل يتجاوزه إلى ظروف البيئة المحيطة بأفراد الحراسات الخاصة، التي ربما ساعدت في زيادة إمكانية ارتكابهم أعمالاً تضر بمصالح المنشآت التي يتولّون حمايتها. تختار شركات الحراسات الأمنية بعض موظفيها من المتقاعدين، ومحدودي الثقافة والتعليم، طمعاً في التوفير، على حساب الكفاءة. أي أنّ شركات الأمن الخاص تتعامل مع أمن المصارف من جانب الربحية وتتهاون في تحقيق المتطلّبات الأمنية التي يفترض أن تكون من أولوياتها .. معظم الشركات الأمنية تتعامل مع موظفيها وفق نظام (السخرة)، فهي تدفع لهم القليل وتطالبهم بالإنتاجية القصوى والكفاءة. يعمل موظف الأمن الخاص ثماني ساعات يومياً، قد ترتفع إلى 12 ساعة في حال التغطية، ويفقد الموظف إجازة نهاية الأسبوع بسبب عدم وجود بديل (النوبات) دون أن تدفع له قيمة الساعات الإضافية (خارج الدوام). لا يتمتع موظف الأمن الخاص، في بعض الشركات، بالتغطية الطبية، وإجازته السنوية لا تزيد في الغالب على 15 يوماً؛ وفي مقابل ذلك تدفع له شركة الأمن مرتباً شهرياً يتراوح بين 1800 و2500 ريال سعودي. لا تعترف الشركات بسياسة (الأمن الوظيفي)، لذا تحتفظ ملفاتها بأعلى معدلات دوران الموظفين .. مثل هؤلاء البسطاء، المنهكين، مالياً، اجتماعياً، وثقافياً هم أكثر عرضة لمخالفة الأنظمة والاستماع لصوت الشيطان؛ ومن المغامرة غير المحسوبة تحميلهم مسؤولية أمن المصارف من الداخل.
شركات الأمن الخاص في حاجة إلى الارتقاء بعلاقتها مع موظفيها، وإعادة ترتيب وضعها من الداخل بما يكفل تحقيق الأمن لموظفيها ولمن تقوم على توفير الحماية لهم. انتقاء رجال الأمن الخاص بعناية مع ضمان توفر المتطلبات الشخصية فيهم، توفير السلاح الشخصي، وضع حد أدنى للأجور لا يقل عن 4000 ريال، تحقيق الأمن الوظيفي، التغطية الصحية، والتأمين ضد الأخطار، وتطبيق نظام العمل فيما يتعلق بساعات العمل، الإجازات، وأيام الراحة، هي العناصر التي يمكن من خلالها تحقيق متطلبات الارتقاء بأداء الأفراد وضمان تحملهم مسؤولياتهم الأمنية. إحساس موظفي شركات الأمن بأمنهم، وأمن أسرهم، هو السبيل الأمثل لتحقيق أمن الآخرين.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 7741 ثم أرسلها إلى الكود 82244
f.albuainain@hotmail.com