«الجزيرة» - الدمام:
كشف تقرير اقتصادي حديث أنه في الوقت الذي تواصل حكومات دول مجلس التعاون الخليجي تنفيذ استراتيجيات النمو المرتفعة في محاولة لتوفير وظائف لشريحة المواطنين الشباب الآخذة بالتزايد بشكل سريع برزت عدد من الدعوات لكبح الإنفاق الحكومي بهدف الحد من ظاهرة ارتفاع الأسعار وتفادي مخاطر التضخم في دول المجلس.
وأوضح التقرير النصف سنوي الذي أصدرته الأمانة العامة لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي أن حجم التوسع في الإنفاق الحكومي خلال الربع الأول من العام 2008م يقدر بنحو 26 في المائة وأن هنالك جهوداً لتوسعة الطاقة الاستيعابية للاقتصاديات الخليجية لامتصاص التوسع في الإنفاق بيد أن ضعف مرونة السياسات المالية والنقدية أدى إلى ضغوط تضخمية نشأت في أول الأمر بسبب النمو السريع في السكان واختناقات العرض والنتائج المالية للفوائض الكبيرة في ميزان المدفوعات.
وأبان التقرير أن أغلب حكومات دول مجلس التعاون الخليجي واصلت نهج سياسات تهدف إلى تشجيع النمو الاقتصادي السريع وقد ساعدها في ذلك أسعار النفط المرتفعة التي سمحت بتسجيل فائض مالي كبير حتى في ظل زيادة الإنفاق.
وأشار التقرير إلى أن النشاط الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي ظل قويا منذ بداية العام الحالي حيث ارتفعت معدلات النمو الاسمي إلى أرقام قياسية انعكاساً للتطورات المتسارعة في القطاع النفطي بلغت في المتوسط 27.9 في المائة عام 2008م بمقارنة بـ14.8 في المائة عام 2007م. أما معدلات النمو الحقيقية فقد بلغ متوسطها 7.5 في المائة عام 2008م بالمقارنة مع 7 في المائة عام 2007م.
وفيما يتعلق بالنفط في الأسواق العالمية أفاد التقرير أن الزيادة في أسعار النفط أتاحت زيادة وتيرة الاستثمارات العامة والخاصة حيث تركزت معظم هذه الاستثمارات في البنية التحتية والمشاريع العمرانية والعقارية والسياحة والمشاريع الاجتماعية. بالإضافة إلى جهود أخرى بذلت في مجال التوسع في قاعدة التصنيع والخدم.
وأكد التقرير أن دول مجلس التعاون الخليجي تقوم بدور حيوي في صناعة النفط العالمية، ففي عام 2007م بلغ إنتاج النفط في دول المجلس 18 بالمائة من الإنتاج العالمي وحوالي 39 بالمائة من الصادرات ونسبة مماثلة من الاحتياطيات المؤكدة في العالم.
ورأى التقرير بقاء إنتاج دول المجلس من النفط عند معدلاته الرئيسة 16 مليون برميل يوميا وهي نفس المعدلات التي كان عليها خلال العامين الماضيين. إذ إن دول الأوبك لم تقم بإجراءات تغييرات في حجم الإنتاج خلال العام 2008م.
على صعيد آخر أشار التقرير إلى أن القطاع المصرفي في دول مجلس التعاون الخليجي يمر الآن بأوضاع صحية جيدة بعد ما نمت أرباح البنوك الخليجية في المتوسط 10 إلى 25 في المائة خلال الربع الأول من العام 2008م فقد شهد عام 2007م والربع الأول من العام الحالي 2008م تحسنا ملحوظا في نمو الأرباح والأصول في العديد من المؤسسات المصرفية الكبيرة وتشير مقومات الطلب الأساسية المشجعة إلى نمو قوي ومستمر في القروض على المدى المتوسط.
وتوقع التقرير ارتفاع الفائض المالي لدول مجلس التعاون الخليجي إلى 21 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2008م بعد أن كان 19 في المائة عام 2007م و23 في المائة عام 2006م وذلك ناتج بشكل رئيس عن زيادة الإيرادات بنسبة 30 في المائة عام 2008م وعلى الرغم من ذلك استقر الإنفاق كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي عند 29 في المائة على الرغم من أن ذلك الفائض انخفض كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي من 5ر53 في المائة عام 2007م إلى 3ر50 في المائة عام 2008م.
وبيّن التقرير أن حجم المشاريع قيد التنفيذ في دول مجلس التعاون الخليجي قد ارتفع إلى مستويات قياسية خلال الأعوام الثلاث الماضية وبنهاية شهر أبريل 2008م بلغت القيمة الإجمالية لهذه المشاريع نحو 4ر2 تريليون دولار أمريكي.
وفيما يتعلق بالوحدة النقدية الخليجية أكد التقرير أن أهم التحديات المقبلة التي قد تواجه التفعيل الكامل للسوق الخليجية المشتركة هي إنجاز مشروع توحيد العملة بحلول العام 2010م . وكانت معايير الوحدة النقدية المتفق تتمثل في ألا تتجاوز نسبة العجز في الموازنة 3 في المائة وألا تتجاوز نسبة الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي 60 في المائة إلى جانب عدم تجاوز نسبة التضخم 2 في المائة, كما تبرز قضية التضخم كتحدٍ آخر أمام تفعيل أداء السوق الخليجية المشتركة. هذا فضلاً عن تحدي عدم التطبيق الكامل للاتحاد الجمركي رغم أنه مرحلة سابقة عن مرحلة السوق المشتركة وتتمثل أبرز النقاط العالقة في ملف الاتحاد الجمركي الخليجي في آلية تحصيل ونسب الإيرادات الجمركية بين دول الخليج. إلا أنه رسمياً يظل موعد توحيد العملة سارياً وفق تصريحات المسؤولين في الأول من يناير 2010م.
وتوقع التقرير أن تبلغ أسعار الغذاء مستويات عالية خلال العام 2008م ولكنها ستتراجع تدريجياً بعد ذلك. ولكن في المدى المنظور ستظل الأسعار في مسار تصاعدي بسبب استخدام المحاصيل الزراعية في إنتاج وقود الطاقة والطلب المتزايد من الدول النامية.
وتوقع أن يكون النمو الاقتصادي العالمي معتدلاً بنحو 7ر3 في المائة عام 2008م بالمقارنة مع 9ر4 في المائة عام 2007م ولا يتوقع تغير ذلك المعدل عام 2009م وقد بني هذا التقدير على أساس بقاء أسعار السلع عند مستوياتها في نهاية العام 2007م واتجاه أسواق المال مستقرة نوع ما في مطلع العام 2008م كما يتوقع انخفاض معدل النمو الاقتصادي في الدول الصناعية إلى 3ر1 في المائة عام 2008م بالمقارنة مع 7ر2 في المائة عام 2007م.
وقال التقرير: إن مطلع العام 2008م شهد الإعلان عن قيام السوق الخليجية المشتركة بإجمالي دخل قومي يزيد عن 1ر1 تريليون دولار عام 2008م والقضية المهمة الآن هي قيام دول المجلس كافة بإصدار الأدوات التشريعية التي تكفل تحرير عناصر الإنتاج بكافة صورها ليتحقق قيام السوق على أرض الواقع.
ووفقاً للتقرير فإن الأمانة العامة لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي ستعمل على تفعيل دور القطاع الخاص الخليجي في مجال السوق الخليجية المشتركة حيث تقوم الآن بإعداد دراسة متخصصة حول هذا الموضوع من خلال الاستعانة بإحدى الشركات الاستشارية والتعاون في ذلك مع الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي.
وقال التقرير: إن مجلس إدارة الاتحاد اعتمد أنظمة ولوائح اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي ومن بينها النظام الأساسي والنظام الداخلي ومشروع لائحة السياسات المالية والنظام المحاسبي ولائحة تنظيم العمل للعاملين والهيكل التنظيمي والوصف الوظيفي للعاملين بالأمانة العامة للاتحاد واللجان القطاعية والعمل على تطبيقها بعد اعتماد تسمية اللجان القطاعية.
كما تم اعتماد مشروع الموازنة التقديرية للأمانة العامة للاتحاد للعام 2008م واعتماد التعاون مع أكاديمية الإمارات في مجال التدريب والتوطين والتوظيف وتفعيل اتفاقية التعاون بين أمانة الاتحاد واتحاد الغرف الأوروبية بالإضافة إلى بحث موضوع التعاون بين أمانة الاتحاد والأمانة العامة لمجلس التعاون في تحقيق السوق الخليجية المشتركة ودور الاتحاد والقطاع الخاص في إقامة السوق الخليجية المشتركة وضمان دور أكبر للاتحاد والقطاع الخاص في رسم سياسات التنمية الاقتصادية الخليجية بما في ذلك السوق الخليجية المشتركة وطرح استثمار عقارات الاتحاد بمناقصة عامة ومشروع لائحة منتدى سيدات الأعمال الخليجيات.
وتحدث التقرير عن تعاون الأمانة العامة للاتحاد مع المؤسسات والهيئات الخليجية والعربية والإسلامية والدولية مثل منظمة الخليج للاستشارات الصناعية واتحاد المصارف العربية واتحاد الغرف الأوربية والمجلس الصيني لتطوير التجارة الدولية واتحاد الغرف الهندية والغرف العربية الأجنبية المشتركة وغرفة التجارة العربية الفرنسية وغرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية مشيرا إلى جهود الأمانة في التنظيم والمشاركة في عدد من الفعاليات الاقتصادية التي تناولت هموم وقضايا القطاع الخاص.
وبين أن من أبرز تلك الفعاليات تنظيم مؤتمر الصناعيين الخليجيين الحادي عشر في ابوظبي خلال الفترة 20 إلى 21 يناير 2008م وملتقى السياحة والاستثمار الخليجي 2008م بجدة خلال الفترة 16 إلى 18 فبراير 2008م . كما شهد مارس الماضي نشاطا مكثفا لتنظيم عدد من الفعاليات شملت ملتقى الاستثمار الخليجي الأول بدبي خلال الفترة 3 إلى 4 مارس ومنتدى سيدات أعمال الشرقية واللقاء التعارفي بين السيدات في القطاع الحكومي الذي عقد في المنطقة الشرقية بالمملكة خلال الفترة 4 إلى 5 مارس وملتقى الأسهم (سمفكس) الذي نظم في أبوظبي خلال الفترة 10 إلى 11 مارس ومنتدى ارتفاع الأسعار بدول المجلس نظم المنتدى في المنامة يوم 24 مارس وندوة المنشآت الصغيرة والمتوسطة بغرفة تجارة وصناعة الرياض خلال الفترة 30 إلى 31 مارس ومنتدى الاستراتيجيات الاقتصادية الجديدة بين دول وسط وشرق أوروبا والدول الخليجية خلال الفترة من 8 إلى 10 إبريل 2008م ومعرض ترويج الصناعات الخليجية الأول في سوريا نظم المعرض خلال الفترة 16 إلى 19 أبريل الماضي والملتقى العربي الهندي في نيودلهي خلال الفترة من 18 إلى 19 أبريل 2008م وملتقى تطوير الموارد البشرية في 17 مايو بغرفة المنطقة وملتقى المال والأعمال خلال الفترة 3 إلى 4 يونيو 2008م في البحرين والمؤتمر الثاني عشر لرجال الأعمال والمستثمرين العرب في بيروت خلال الفترة 19 إلى 20 يونيو 2008م وندوات إعلامية حول القمة العربية الاقتصادية التنموية في بيروت في 21 يونيو 2008م والملتقى العربي الألماني في 25 يونيو الماضي.