Al Jazirah NewsPaper Monday  28/07/2008 G Issue 13087
الأثنين 25 رجب 1429   العدد  13087
بين ثقافتين (البناء والهدم)
د. إبراهيم بن محمد السماعيل

البناء والهدم ثقافتان متعارضتان تسيران في خطين متعارضين لا يمكن أن يلتقيا، ولكل ثقافة رموزها وروادها وآلياتها وقيمها، وهما متلازمتان في كل مجتمع وكل عصر لا ينفك أحدهما عن الآخر، وشتان بين هاتين الثقافتين؛ فالبناء حياة ونجاح وإنجاز وتنمية وإيجابية ونهوض وتطور وارتقاء وانتماء، والهدم موت وتخريب وانحدار وارتكاس وتقازم ودناءة، البناء منهج حياة لا يستطيعه إلا الخلص من الناس، وأما الهدم فهو الموت والضياع وهو فن لا يجهله أغلب الناس وما أسهل الهدم أمام البناء، وفي كل مجتمع تتضح ملامح الصراع بين دعاة البناء ومحترفي الهدم وتتصارع الأفكار والقيم والمعركة سجال ولكن الظفر دائماً لدعاة البناء لأنهم يقفون على أرضية صلبة من القيم والمعتقدات، وإذا كان منهج أهل البناء يقوم على الحجة والبرهان فإن منهج دعاة الهدم يقوم على الزيف والضلال والإقصاء، وإذا كان دعاة البناء هم خط الدفاع الأول عن دين المجتمع وقيمه فإن دعاة الهدم هم الطابور الخامس الذي يطعن في خاصرة المجتمع بخيانته وغدره فقد انسلخوا من دينهم ووطنيتهم وكرامتهم وباعوا أنفسهم بأبخس الأثمان، أهل البناء دعاة حق وخير وإصلاح وصدق وإخلاص يقودون سفينة المجتمع نحو بر الأمان، وأما أهل الهدم فإنهم دعاة سوء وفساد وشر يصطادون في الماء العكر ويبحثون عن المثالب والزلات ينظرون إلى مجتمعهم من خلال منظار الريبة والشك خير مجتمعهم إليهم صاعد وشرهم على مجتمعهم نازل قابلوا الإحسان بالإساءة والصفح بالتمادي والإحسان بالإساءة، احترفوا إثارة الفتن وتأجيج الصراعات وإشعال الحرائق، يحاولون حجب الشمس بزُخرُف قولهم، إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم، امتهنوا تزيين الباطل وتشويه الحق، يتشدقون ظاهراً بالوطنية والحرص على الأمة ويضمرون باطناً الشر والكيد والخداع، سعادتهم وقرة عينهم في كشف عورة مجتمعهم وتحقيقهم لمخططات أعدائها يعشقون الفرقة والخلاف والهمز واللمز، ويكرهون الألفة والمحبة، هم كالذباب لا يقع إلا على كل قبيح انتكست فطرتهم فأصبحوا يرون الفشل في كل نجاح والتخلف والهمجية في كل حضارة وإبداع، يفرحون بالمثالب والعثرات، ويتتبعون العورات، ويتصيدون الزلات، لا يضعون قدراً لأحد إلا من تابعهم ووافقهم، يتخبطون في أطروحاتهم فتارة في أقصى اليمين وأخرى في أقصى الشمال عبيد لمن غلب، تحرقهم نجاحات مجتمعهم وتأتي الإخفاقات على قلوبهم كالماء الزلال، صفتهم اللؤم والدناءة والاستخفاف بعقول الناس والتجرؤ على محارم الله، مبدعون في الفشل والخيانة والهمز واللمز، انهزاميون في تفكيرهم، فاشلون في حياتهم، يتعمدون السباحة عكس التيار ليلفتوا الأنظار لهم، غايتهم الدنيئة تبرر وسائلهم القبيحة، شرهم مستطير كالسوس ينخرون في جسد أمتهم ولا حل لهم إلا أن يتم بترهم وحماية المجتمع منهم.

- الرياض


Imis1234@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد