Al Jazirah NewsPaper Monday  28/07/2008 G Issue 13087
الأثنين 25 رجب 1429   العدد  13087

على هامش المؤتمر عن الإرهاب -1-
د.عبدالله الصالح العثيمين

 

كانت حلقات حديث كاتب هذه السطور في الأسابيع الثلاثة الماضية عن إرهاب الدولة. وقد أشير في ذلك الحديث إلى أن كل أنواع الإرهاب ترفضها الأديان السماوية، وتحرمها القوانين الدولية، وتأنف منها العقول السوية، على أن أبشع أنواع الإرهاب هو

إرهاب الدولة، الذي يتجلّى في الوقت الحاضر في إرهاب دولتين هما وجهان لعملة واحدة: الدولة الأمريكية المتصهينة والدولة العنصرية الصهيونية. وكان ذلك الحديث هو مضمون ورقة قدّمها كاتبها، الفقير إلى رحمة الله إلى مؤتمر الإرهاب في العصر الرقمي، الذي أعدّت له، ونظمته جامعة الحسين بن طلال بمدينة معان في المملكة الأردنية الهاشمية.

أما رئيس ذلك المؤتمر الذي انعقد في أيام العاشر والحادي عشر والثاني عشر من هذا الشهر فهو الأستاذ الدكتور ذياب البداينة نائب رئيس الجامعة المذكورة.

وكان المؤتمر دولياً حضره أناس من أكثر الأقطار العربية ومن الغرب، أوروبيين وأمريكيين، ومن الشرق مسلمين وغير مسلمين.

وللدكتور ذياب تجارب في تنظيم المؤتمرات من هذا النوع؛ ففي العام قبل الماضي - عندما كان يعمل في جامعة مؤتة - نظم مؤتمراً دولياً عن الديمقراطية والإرهاب، وفي العام الماضي - بعد أن انتقل إلى جامعة الطفيلة - ترأس الإعداد لمؤتمر دولي عن (التنمية البشرية والأمن). أما في هذا العام - وبعد أن أصبح نائب رئيس جامعة الحسين بن طلال - فترأس تنظيم المؤتمر الدولي عن (الإرهاب في العصر الرقمي)، كما سبق أن ذكر.

كان افتتاح هذا المؤتمر، الذي يأتي الحديث هنا على هامشه في جامعة الحسين بمعان. وكما شرّفت في العام الماضي بأن عهد إليَّ إلقاء كلمة المشاركين في مؤتمر الطفيلة من العرب شُرّفت في هذا العام أيضاً بأن عهد إليّ إلقاء كلمة المشاركين من العرب في افتتاح المؤتمر.

كنت قد أشرت في حديثي العام الماضي إلى أن المؤتمر الذي عقد فيه ألقت في افتتاحه صبية اسمها العنود في الثالثة عشرة من عمرها قصيدة ترحيبية جميلة المعنى جيدة السبك وكان إلقاؤها رائعاً أخاذاً. وكان مطلع قصيدتها:

مبداي باسم الله لطيف التدابير

قبل القصيد وقبل خط الكتابه

وقلت فيما كتبته عن ذلك الافتتاح: إني لم أملك إلا أن أرتجل ثلاثة أبيات على وزن قصيدتها وقافيتها بدأت بها حديثي قائلاً:

حيّ العنود وحيّ زين التعابير

الليّ يشوف لخاطري كل ما به

بدا لنا من طلع شعره تباشير

والعود من سمعه رجع له شبابه

وخطرٍ أقول أمامكم يا مناعير

الشعر عقب الجازيه صك بابه

وفي هذا العام أيضاً كان الحضور على موعد مع تلك الصبية؛ ذلك أنها كانت أول من ألقى - بعد القرآن الكريم - ما دار في الخاطر. ولم يكن إعجابي بما ألقته وكيفية إلقائها إياه إلا دافعاً لي كي أقول في بداية كلمتي - عندما جاء دور تكلّمي - من أدلة براعة أخي الدكتور ذياب أنه فتح شهية الحاضر النفسية بتقديمه العنود مبتدئة كلمات المتحدثين، ولقد ارتجلت في العام الماضي ثلاثة أبيات بعد سماعي قصيدتها، وهأنذا اليوم أقول:

واعسى السعد فالك دايم يا العنود

الهنا لك لحافٍ والسعادة فراش

تو سنّك صغير وكلنا لك شهود

ان مورد قصيدك عدّ ما هو مشاش

روعة الشعر عندك ما تحدّه حدود

هكذا تكتب الاشعار والاّ بلاش

ولتقديري للتشريف الذي حظيت به بأن ألقي كلمة المشاركين من العرب في المؤتمر في حفل افتتاحه ظننت أن مما قد يحلّي بضاعتي المزجاة إيراد أبيات من قصيدة سبق ان كتبتها معبراً عن مشاعري الودية لكل قطر من أقطار أمتنا، وإيراد أبيات من قصيدة قلتها في زيارة سابقة للقطر الأردني الثري بآثاره، الجميل بمن فيه، ومنها:

أتيت أحمل من نجدٍ أصالتها

رفاقي الشيح والقيصوم والرطب

وطائف من صبا أذكت نسائمه

غمامةٌ بالشذا الفواح تنكسب

وروعة من معانٍ فوق تربتها

تدفق الحرف شعراً وازدهى الأدب

وجئت أستنطق التاريخ في سلع

وكل ما قد حوت بتراؤها عجب

وأجتلي في ثرى اليرموك ملحمة

كتائب النصر فيها سادة عَرَب

وسلع هو الاسم العربي القديم للبتراء، التي أعلن دولياً أنها من عجائب الدنيا. وكان من أزال سدولها للعالم الغربي، في العصر الحديث، الرحالة السويسري جوهان بوركهارت، الذي من كتبه التي دونها كتاب (ملحوظات عن البدو والوهابيين).

وهو من أدق ما كتبه الغربيون بالذات عن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأنصارها وأصدقه. وقد سعد كاتب هذه السطور بترجمة ما كتبه عن تلك الدعوة وأولئك الأنصار بعنوان مواد لتاريخ الوهابيين من الإنجليزية إلى العربية.

وعرب الأردن؛ مثل إخوانهم من عرب وطننا العزيز، ليس من السهل على المرء أن يعتذر عن تلبية دعواتهم السخية. وكان ذلك ما حدث من عدد من نبلائهم وفي طليعة هؤلاء أبو العنود، الذي لم يقبل عذري في عدم تلبية دعوته لأحلّ ضيفاً لدى أسرته إلا بعد أن وعدته بأن أفعل ذلك في القريب العاجل إن شاء الله.

كما حدث في العام الماضي كان المساء الأول من مساءات المؤتمر سهرة عشاء في وادي رم الجميل بمناظر الجبال المحيطة به، والذي صورت فيه أفلام عديدة بينها فيلم لورانس العرب. وفي ذلك المساء كانت الدبكة الأردنية سيدة الفقرات وما كان شيبة الرحمن إلا منتشياً بها ومشاركاً فيها، وما كان قبول أفراد الفرقة اشتراك من لم يكونوا يتقنون الدبكة - أمثال ذلك الشيبة - إلا دليل أريحية، وما كان أروع الجو الاجتماعي الذي سعد فيه الجميع في ذلك المساء!

وبعد تلك السهرة استقلّ السيارات الصغيرة مَن آثر السرعة، وركبت مع أكثر المدعوين الحافلة؛ متوجهين إلى النزل الذي أعدّ لننام فيه. وكان من حسن حظي أني قد أحضرت معي كمية من الرطب النجدية، ووضعتها بين أيدي المؤتمرين عند تناولهم طعام الفطور، وكان هذا رمزاً أو مصدقاً لما أشرت إليه في أحد الأبيات السابقة؛ وهو:

أتيت أحمل من نجدٍ أصالتها

رفاقي الشيح والقيصوم والرُطب

وفي ذلك اليوم بدأت جلسات المؤتمر البحثية وألقيت موجزاً لما كتبته في إحدى تلك الجلسات عن إرهاب الدولة وفي المساء أعدّت سهرة مثل تلك التي أعدّت في مساء اليوم الذي سبقه، وما كان سعادة الجميع لتقل في أحد المساءين عن الآخر. وكانت المتعة في السهرة؛ مما جعل الرحيل إلى عمان متأخراً؛ ولذلك كان من الراكبين في الحافلة من احتاج إلى إيقاظ عند الوصول إلى الفندق في عمان حوالي الساعة الثانية بعد منتصف الليل.

وإلى اللقاء في الحلقة القادمة إن شاء الله.

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5896 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد