تصريحات وزيرة الخارجية كونداليزا رايس حول أن الفلسطينيين والإسرائيليين بإمكانهم الوصول إلى اتفاق سلام شامل قبل نهاية ولاية الرئيس الأمريكي جورج بوش، يجعل الحديث ينساق من جديد إلى قضية الدور الأمريكي في عملية السلام ومدى حيادية هذا الدور وتوازنه بين الأطراف؛ فالإسرائيليون معتمدون بشكل مطلق على الدعم الأمريكي الذي تجاوز التسليح إلى التصريح وبشكل دائم ومطلق، والفلسطينيون يجنحون إلى الاعتدال في مفاوضاتهم مع الإسرائيليين لأنهم لم يجدوا حلاً سوى الركض خلف الوعود الأمريكية البراقة، والآن والإدارة الأمريكية الحالية تشارف على مغادرة البيت الأبيض، تغرق إسرائيل في نزاعاتها وفضائحها الداخلية بدءاً من فضائح رئيس الوزراء الإسرائيلي وتهم الرشوة والفساد ومروراً باحتدام النزاع والتنافس على رئاسة حزب كديما الذي جعل أولمرت يصف وزيرة خارجيته بالقاسية الكاذبة، وغير ذلك من العوامل الداخلية في تل أبيب وواشنطن التي تجعل من قضية الوصول إلى السلام المنشود بين الفلسطينيين والإسرائيليين أمراً صعب المنال وعسير التحقيق؛ لتقذف الكرة إلى ملعب الإدارة الأمريكية القادمة سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية، التي من بديهيات الأمور أنها لن تصل إلى البيت الأبيض إلا بعد أن تقطع على نفسها أغلظ الوعود والعهود لجماعات الضغط الإسرائيلية بالانحياز الكامل لتل أبيب وتبدية مصالحها وأمنها القومي على غيرها من عوامل الاستحقاق الفلسطيني والعربي؛ ما يجعل الأمر ينحصر من جديد في مدى نزاهة الدور الأمريكي وحياديته بين الطرفين ومدى جديته في التعامل مع إسرائيل كطرف أزمة متشدد يصر على مناطحة الريح وإطالة أمد النزاع من أجل تركيع الشعب الفلسطيني وزرع اليأس في عقله الجمعي للجنوح إلى التسليم بمعطيات ومقترحات إسرائيل التفاوضية المتشددة التي أضحت، وكما أقر الكثير من قيادات الإعلام والسياسية الأمريكية، تشكل عبئاً على السياسة الخارجية الأمريكية ومصدر إحراج لها بالغ الحساسية في قضية التعامل مع إشكالية السلام في الشرق الأوسط.