Al Jazirah NewsPaper Sunday  27/07/2008 G Issue 13086
الأحد 24 رجب 1429   العدد  13086
السودان: وما وراء أكمة لويس أوكامبو
عبدالله بن محمد السعوي

في أول سابقة دولية من نوعها، طلب لويس مورنيو أوكامبو ممثل الادعاء في المحكمة الجنائية الدوليه، إصدار مذكّرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر حسن البشير بتهمة تدبير حملة لارتكاب قتل جماعي في دارفور، أدّت إلى مقتل 35 ألف شخص واستخدام الاغتصاب كسلاح فعّال في الحرب.

هذه المحكمة سبق وأن أدانت تشارلز تايلر رئيس ليبيريا, وأدانت الرئيس الصربي سلوبودان ميلوشفتش، ولكن يبقى البشير أول رئيس دولة في العالم يُدان وهو لا يزال على رأس السلطة. المدّعي العام بهذا القرار قد اجترح المحظور وتجاوزالحدود وتخطّى الخطوط الحمراء في التعاطي مع الدول، مع افتقاده للشرعية الدستورية التي تدعمه، وافتقاره للمستندات القانونية التي تضيف له ضرباً من الموضوعية ولو في أدنى حدودها. هذا القرار أرسى سابقة خطيرة في التاريخ المعاصر باستهداف رئيس دولة مستقلّة ورمز للسيادة الوطنية لا زال يباشر مسؤولياته الدستورية داخل محيط بلاده, إنّ هذا القرار الجائر سيكون له تداعيات خطيرة في حال جرى تنفيذه، وسيترتّب عليه متتاليات ضارة تؤسِّس للاحتقان والتوتُّر، ليس على السودان فحسب، بل وعلى مستوى دول العالم الثالث بأكمله، وستطال أضراره المتعدِّية الجهود الجارية حالياً لتحقيق السلام بإقليم دارفور. إنّ المحكمة الجنائية بتوجُّهها الفاقد لما يبرِّره، قد أسفرت عن وجهها الكالح، وكشفت عن حقيقتها كذراع تتوسّله قوى الاستكبار العالمي لتفتيت السودان وتعقيد أزماته ودفعه نحو التشظّي والتشرذم. الجنائية الدولية تكيل بمكيالين وتزن بميزانين، فهي وكنوع من التناغم مع الموقف الغربي في التعاطي مع قضايا إفريقيا والقضايا العربية، تغضُّ الطَّرف عن المسلسل الذي لا ينتهي من الجرائم التي تُرتكب وبشكل يومي في العراق وفلسطين وأفغانستان. إنّ الراهن المضطرب يفرض على الدول العربية والإفريقية أن تباشر فعلاً حاسماً إزاء هذا القرار، ومن المفترض أن يتمخّض الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب عن موقف عربي موحَّد يضع النقاط فوق الحروف، ويعيد الاعتبار للموقف الجماعي العربي، ويتعاطى بحكمة وبتدابير دبلوماسية راشدة، وبقرارات حاسمة لمواجهة هذا القرار. إنّ من المتحتّم على السودان كدولة وحكومة، أن يقوم بمهام إصلاحية وإجراءات سريعة تتعلّق بدارفور لتفويت الفرصة على المتربِّصين، وإفشال مخططات الأعداء، وبالتالي إغلاق الأبواب على أي تدخُّل خارجي. إنّ هذا القرار له متتاليات فاعلة في السلب وعلى درجة كبرى من الخطورة، الشأن الذي يتطلّب التعاطي معه بحكمة وكفاءة، بعيداً عن ردود الأفعال العكسية, وهذا يستدعي حراكاً دبلوماسياً واسع النطاق في متباين المحافل الدولية، والتركيز على مجلس الأمن والأمم المتحدة لعرقلة مشروع أوكامبو، وتحسير توجُّهه اللاقانوني، والذي يطغى فيه وبشكل جلي السياسي على القانوني. إنّ المطلوب من السودان هو أن يهتبل الفرصة التي أتاحتها المواقف الجيدة التي أبرزتها بعض الدول الكبرى مثل روسيا والصين وبعض الدول الإفريقية، كما أنّ محاولة الخرطوم مباشرة تدشين علاقة جديدة مع تشاد تشكِّل هي الأخرى رقماً إضافياً لجهود حل أزمة دارفور على الأرض.



Abdalla_2015@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد