«الجزيرة» - ناصر السهلي
وصف مخترع سعودي حائز على 6 براءات اختراع من الولايات المتحدة الأمريكية في مجال الطاقة، أسباب انقطاع التيار الكهربائي عن عدد من مناطق ومحافظات المملكة خلال اليومين الفائتين، بأنها نتيجة حتمية في ظل عدم استقامة الخط البياني لاستهلاك الكهرباء خلال فترة اليوم الواحد، وتباينه من ساعة إلى أخرى، مع وجود فترات حرجة تزداد فيها كمية الاستهلاك فوق الحد المتعارف عليه وتتولد أحمال زائدة عن قدرة الشبكة، حيث تهاجر هذه الأحمال إلى وحدات التوليد الأصغر فتزيد الحمل عليها، مما يؤدي إلى حالة انقطاع للكهرباء (كما حدث في المحطات الصغيرة في حائل وتبوك) أو ما يسمى بالمصطلح black out وفي المقابل تزداد الطاقة في خطوط الشبكة الرئيسة في فترة الاستهلاك الضعيف بقدر أكبر من المعدل المسموح به، مما يؤدي إلى تولد طاقة مهاجرة تذهب بشكل عكسي إلى الوحدات الأصغر فتحولها من مولدات إلى محركات، حيث تعكس الدوران وتحطم المحركات، وهذه الحالة نادرة الحدوث ولكنها تحدث في المملكة بمعدل مرتين في السنة. واعتبر المخترع محمد الخميس تبريرات الشركة لانقطاع الكهرباء غير كافية، وأن الحل الذي تقوم به الشركة لإيجاد طاقة جاهزة تحت الطلب خارج الشبكة بالاستعانة بموردين مستقلين لشراء الكهرباء أثناء فترة الذروة، وبأسعار قياسية من شركة أرامكو، وبعض الشركات الكبرى التي لديها أنظمة توليد مستقلة غير كاف لدولة مترامية الأطراف ومتباعدة في مناطقها الاستهلاكية مثل المملكة. وقال الخميس وهو الحائز على جائزة مبدع عام 2007 م في مجال الطاقة من رابطة مهندسي الطاقة العالمية، إن تخصيص محطات ضخمة احتياطية وبرؤوس أموال كبيرة للعمل خارج نطاق الشبكة فقط لاستخدامها في حالة الطوارئ، قد يحل المشكلة لكن فيه هدر لرأس المال وللطاقة وهما غيرداخلين في نطاق أية جدوى اقتصادية، بل انه كفيل بإعلان إفلاس الشركة خلال السنة الأولى من تشغيله.
ولفت الخميس في حديثه ل(الجزيرة) إلى أن الدول المتقدمة تقوم باستخدام عدة أنظمة للطوارئ، والتي بدورها ساعدت في ترشيد إنتاج الكهرباء وبشكل ربما تعدّى الحاجة الرئيسية لها .. ومن هذه الأنظمة والذي يعد الأكثر شيوعاً، نظام تخزين الطاقة بواسطة خزانات صناعية كبيرة تكون منشأة فوق مرتفعات شاهقة وبجوار مصدر مائي كبير كبحيرة أو نهر كبير، حيث يتم رفع المياه إلى البحيرة الصناعية أثناء فترة قلة الاستهلاك ثم تنزل المياه إلى المستوى الأسفل لتحرك وتربينات تنتج طاقة كهربائية بكل طاقتها خلال ست دقائق فقط، وهنا يستطيع المشغل التغلب على أية أحمال مهاجرة قادمة إليه، وذلك بإعطائها حاجتها من الطاقة. وبحكم أن هذه النقطة في الشبكة هي الأضعف، فإن النقاط العاملة الصغيرة بالأحمال لن تتأثرإلا بعد استنفاد كل الطاقة الاحتياطية الموجودة، والتي تعتبر هائلة بالنسبة للأحمال المتوقعة. وفي مقاربة الأحمال لطاقة منشأة الطوارئ، فإنه يصار إلى إنشاء وحدة جديدة وفي مكان مناسب آخر، حيث أنشئت الوحدة الأولى في أمريكا عام 1976 م لتصل العشرات في الوقت الحالي.
وأشار المخترع السعودي الخميس إلى أنه اهتدى إلى طريقة عملية لحل هذه المشكلة ومناسبة لبلدنا الذي تحكمه عدم وجود موارد طبيعية مائية عذبة لتستخدم هذه الطريقة في إيجاد رافد ذي جاهزية فورية لاستخدامه في حالة الطوارئ وترشيد الإنتاج، وتتمثل هذه الطريقة في استخدام أثقال مصمتة هائلة تقوم روافع مخصصة برفعها أثناء فترة قلة الاستهلاك، ثم يتم إنزالها لتحرك مولدات كبيرة لإنتاج طاقة أثناء فترة الذروة .. وأضاف الخميس أن هذا الاختراع حصل على جائزة مبدع العام 2007م في مجال الطاقة المتجددة على مستوى الشرق الأوسط من رابطة مهندسي الطاقة العالمية، وذلك في شهر أغسطس الماضي.
ويضيف: لقد تلقيت اتصالاً من وزارة المياه والكهرباء بعد نشر وسائل الإعلام خبر حصولي على الجائزة عالمياً، واستقبلني المسؤولون فيها بكل زهو وإكبار، وطلب مني تقديم عرض لكيفية إنشاء هذا المشروع، وفعلاً قدمت عرضاً في نهاية رمضان الماضي للوزارة ومن ثم شكلت لجان للدراسة، إلا أن المشروع ذهب في نفق نظري أدى إلى انقسام أعضاء اللجان بين مؤيد بخجل ومعارض بشدة لإقامة مثل هذا المشروع .. ولمحاولة إزالة بعض اللبس قمت وعلى حسابي الخاص بتصميم نموذج معملي للقياس ولإثبات أن بعض التصورات النظرية لدى بعض أفراد اللجان غير عملية والتي منها أن الأثقال ستتسارع بشكل تصاعدي مع تسارع الجاذبية الذي أثبته النموذج المعملي، أن الثقل نزل بسرعة ثابتة وذلك حسب قانون المعدل المتناهي للسرعة للجسم الساقط والمسمى في الاصطلاح terminal velocity.
يذكر أن الشركة السعودية للكهرباء قد أرجعت في بيانين سابقين، أسباب انقطاع التيار عن بعض المناطق لعطل في شبكة الجهد الفائق 380 كيلو فولت؛ ما أدى إلى خروج ثلاث وحدات لتوليد الطاقة الكهربائية في محطة القرية البخارية بالمنطقة الشرقية، بالإضافة لمحطتي التوليد بمنطقتي القصيم وحائل وعدد من وحدات التوليد بالمحطة الثامنة بالرياض.
وفي البيان الثاني أكدت أنه كان بسبب انقطاع أحد الموصلات وسقوطه على الآخر في أحد خطوط الجهد الفائق جهد 380 ك. ف الذي يربط بين مدينة الرياض ومنطقة القصيم، مما تسبب في انخفاض الجهد الكهربائي، وبالتالي خروج بعض وحدات التوليد، الأمر الذي أدى إلى فصل الأحمال الزائدة تلقائياً.