Al Jazirah NewsPaper Saturday  26/07/2008 G Issue 13085
السبت 23 رجب 1429   العدد  13085
لما هو آت
جيل الوطن الاستثنائي مسمار في النعش!
د. خيرية إبراهيم السقاف

لا أحسب أن أمراً يعبر في موجة المتغيرات بالمجتمع يمس قيمه الأساس... ولا يلتفت إليه بقوة الضبط والكبح أناسٌ على سدة المسؤولية والأمانة...

ربما علينا في المرحلة الراهنة أن نكون أكثر يقظة وإن اتُّهِمنا بالتخلف أو الرجعية أو الانطواء أو الجهل أيضاً...

فمن عين الحق نستقي ما يناسب أمةً كتابُ الله هو دستورها... وسنة رسوله العظيم عليه الصلاة والسلام منهجها وهداها...

فهل يقر هذا المنهج الرباني هذا الانفلات السلوكي الذي تطور من ملابس الشباب الذكور باستعراض الماركات وإظهار أجزاء من أجسامهم ليواكبوا صرعات دور الأزياء وهم يتجولون في الأسواق ويتناثرون فوق رمال الشواطئ ويتبارون في السباق المحموم في الشوارع ومنافذ الفسحة؟ إلى أن يصل الأمر إلى فتح الأذرعة وبسط الصدور ومد الأيدي للفرق الموسيقية المتبنية للأفكار المتمردة والمعبرة عن الكمونات الداخلية المكبوتة, الطارقة بعنف على أوتار الالتزام الأخلاقي كفرقتي (ميامي) و(الهيب هوب) الموسيقيتين، لا يكتفى بدعوتهما على أرض الواقع وممارستهما نشاطهما الجاذب للفئات الغرة غير ذات الضوابط القوية الرادعة للانسياق معها... لتتناول الدعاية لهما وسائل النشر بما يوحي بأن المسامير تدك نعش الفضائل في سلوك المجتمع وتحديداً في جيله الراهن الذي وسمته صحيفة الوطن بالجيل الاستثنائي...

وحقيقة إنه استثنائي لا يمثل المجتمع القائم أساسه على تقوى الله في تربية الفرد...

ولنقل إن الانفتاحة جاءت عفو خاطر يهدف لتغيير طفيف مفيد، لكن الريح قوية هتكت بالباب فأشرعته على مصراعي الدخيل المقلق, والمرفوض بقوة المبدأ والنهج...

ألف وخمسمائة شاب يخرجون ليل جدة الصاخب مع موسيقى الراب التي أفردت لمبادئها وأفكارها الصحافة حيزاً وإن ضاق...

لكن الأمر طرقٌ قوي يدوي في العقل والضمير والوجدان...

هذا العقل الذي قوامه أن مجتمع هذا الوطن ليس كأي مجتمعات الدنيا فهو منوطة به أمانة الدين...

وهذا الضمير الذي نسيجه مغموس في الخوف من التفريط الموقع في السؤال عن الأمانة ممن خلق الناس لأمر يعلمونه ولا يخفى عليهم وهم يشهدون...

والوجدان هذا الذي رُبيَ على صوت الآذان لا صوت المعازف... وعلى عين الله تعالى التي تراه...

لا على عين البشر التي تحيك له لدكِّ مرماه...

إن التغيير المدروس لمواجهة احتياجات الشباب أمر ضروري وملح بلا ريب...

ويمكن أن يغير الكثير في أساليب ومعطيات تسدد هذه الاحتياجات على بينة ووعي وضوابط مرنة فيما يمكن مكينة فيما لا يمكن التفريط فيه...

وإن وسائل الترفيه بالإمكان ابتكارها وتحديثها بما يتفق وقيم المنهج لا أن تُخرج الفرد من الدار للشارع وأن تجعله يتباهى بالقفز على العقول ... والضمائر... والوجدان...

فيكون الجيل ويأتي من بعده خارج منظومة سمات أصحاب الأمانة التي يتوارثونها بتفريط...؟

كيف هي نتائج هذا التفريط يا سادة أمام من لا تغفل له عين ولا تنام...؟

أثق بأنه لم تكن فضاءات جدة مضيئة...

وشباب البلاد صغاره وكباره يتراقصون على موسيقى الراب بطريقتهم الخاصة كما وصفت صحيفة الوطن في الصفحة 35 الأربعاء 20-7 وما تلا من تفاصيل...

أو فرحة بهم بل يقيناً كان يظللهم حزن كبير...

ذلك لأنهم بكل دعسة كانوا يدقون مسماراً في نعش الأمانة وفي لوح حملها...

فهل يجتمع المنوط بهم مسؤوليات التربية، التنشئة، الترويح، التنشيط، السياحة لتدارك هطول المسامير...؟

اللهم وفّقهم وأعنهم فأنت خير الشاهدين.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5852 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد