رسومات هاجد الكاريكاتورية في جريدة الجزيرة تغني عن مئات المقالات لا الكلمات. الفنان هاجد يرسم لوحته بخليط من الألوان الممزوجة بالحزن والألم ويخرجها بقالب كاريكاتوري ضاحك؛ تجده حاضراً في قلوب الآخرين يُخرج منها الآلام والزفرات ويقدمها بقالب...
... كاريكاتوري ناطق، لأصحاب القلوب الرحيمة، والعقول الحكيمة. لو كنت مسؤولا عن تجهيز الملف الصحفي اليومي لأصحاب القرار لحرصت على وضع كاريكاتور هاجد في أوله؛ حيث تكفي مشاهدته عن كُل ما يُكتب في الموضوع الذي يتناوله.
برؤية عابرة يمكن أن يستوعب العقل الباطن قبل الفكر، فكرة كاريكاتور هاجد، ومعاناة صاحبه؛ معاناة المجتمع المثقل بالهموم، والآلام، والمتعلق ببصيص الأمل ورياح المنى التي لا تهب، ولن تهب طالما بقيت سوق الأسهم مرتهنة في أيدي القلة المتصرفة بمدخرات المواطنين.
بعد موجة عاتية مفاجئة من موجات خسائر سوق الأسهم السعودية، وذبذبة حادة أغرقت المحترفين والهواة في أعماقها، أبدع (هاجد) في اختزال ما حدث في السوق الثلاثاء ما قبل الماضي بلوحة كاريكاتورية معبرة. اكتفت ريشته برسم أمواج عاتية تبتلع مجموعة من البشر، وتوشك أن تُغرق رجلين يحثان الخطى طمعاً في النجاة؛ أحد الرجلين يسأل صاحبه وهو يركض: (سونامي؟!)، فيجيب الآخر: (لا... الهوامير مسيلين محافظ). أربع كلمات تكفي عن سيل محاضر التحقيق التي يفترض أن تُفتح بعد هدير موجات (تسونامي الهوامير). تسييل المحافظ المفاجئ، وبكميات إغراقية، لا يحدث إلا مع توافر معلومات سلبية مالية، تنظيمية، أو سياسية لنخبة من ملاك المحافظ الضخمة، وأهل الحظوة من أصدقائهم.
ما يحدث في سوق الأسهم السعودية أشبه بإعصار تسونامي، والأعاصير الأخرى. من الصعب توقعها، ومن المستحيل النجاة منها، ومن العسير تخيل نتائجها المدمرة. تحدث كلمح البصر، وتختفي دون أن تترك أثراً، ولا تحتاج إلى من يُقَدِم، عما أحدثته، العُذر. فمن يعتذر عن قسوة الطبيعة!!؛ سوق الأسهم السعودية تُقنع كل من يُراقبها بأنها جزء من الطبيعة التي يفترض ألا تُسأل عما تُحدِثهُ من ضرر، خاصة أن أسباب حركتها، والمتسبب فيها من المجهولين!!.
تسونامي السوق السعودية لا يخلو من الغرابة؛ فهو قادر على إغراق السوق بمن فيها، ومن ثم إعادتها إلى طبيعتها الأولى وبلمح البصر، حاكماً على من يريد من المتداولين بالموت غرقاً، ومنقذاً من يريد، ومغدقاً على من يختص من (الهوامير) بالآلئ والدرر.
تسونامي الطبيعة لا يميز بين الكبير والصغير، ولكن تسونامي السوق السعودية يفعل، بمكر ودهاء، وبأمن وطمأنينة، يحطم ما يريد دون أن يَسأل أو يُسأل حتى بتنا لا نعلم أيهما أعدل في ضحاياه، وأيهما أرحم؟!.
تسونامي الطبيعة يضرب (غُبّاً)، وتسونامي السوق السعودية يضرب صبح مساء، وما زال يفعل، منذ انهيار فبراير المشؤوم.
تُرى من الملام في تمرد تسونامي السوق السعودية على الأنظمة والقوانين؟.. مصلحة الأرصاد الجوية!!!، أم هيئة السوق المالية، والفريق الاقتصادي؟.
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7741» ثم أرسلها إلى الكود 82244
f.albuainain@hotmail.com