من الشعراء الكبار بل الأفذاذ الذين سبق أن كتبت عنهم في مدارات الشاعر البيطار بدر بن عواد الحويفي الأحمدي الحربي من محافظة الرس الذي حفر اسمه في التاريخ من خلال ما قدمه من قصائد فريدة في نظمها ومضمونها وما تحمله من بديع الكلام بأسلوب جميل، قصائد كتبت بمداد من ذهب، ولا غرابة أن يكون منه ذلك فمن جرب الدنيا حلوها ومرها وعاش فيها ردحاً من الزمن، وعرف فيها الجميل والقبيح، من السهولة بمكان أن يقدم أشعاراً رائعة خاصة إذا كان شاعراً ذا فطنة وذكاء، وإجادة للشعر بشتى فنونه خاصة النصح والإرشاد، والحكم، كالوالد بدر الحويفي - حفظه الله - وها أنا أعود مرة أخرى لأقدم لكم بعض النماذج من قصائده، منها أبيات لم يسبق نشرها والبعض سبق أن نشر أو دون في أحد ديوانيه الشعريين اللذين صدرا له، ومن الأبيات الجميلة التي قالها وهو يعبر عن خسارة بعض الناس ممن فقد البصر والبصيرة: |
خسران مفقود البصر والبصاير |
لا صار عامي قلب ما هو عمى عين |
المرجلة عنها عزومه قصاير |
يمضي نهاره نوم والناس نيمين |
والنوم مهنة ميتين الضماير |
خص الذي ما فيه دنيا ولا دين |
وظيفته بالليل خفاش طاير |
والصبح يرقد عن صلاة المصلين |
تحسب حياته من حساب الخساير |
لا نافع نفسه ولا للقريبين |
ويقول في أبيات أخرى عمن ظلم نفسه من خلال عدم معرفته بمقدارها: |
من لا عرف مقدار نفسه ظلمها |
ومن قدس الدنيا تصده عن الدين |
ونهايته يجرع مرارة طعمها |
يوم الحساب ويوم نصب الموازين |
لامن ديّان النفوس استلمها |
ما نفع الدنيا وجمع الملايين |
تعيش فترة والنهاية عدمها |
ورصيدها من تافه الخام مترين |
ويقول في هذه النصيحة الجميلة: |
والمعاصي تمحق الأخلاق والذرية |
والعبادة هي علاج المعصية ودواها |
والنميمة تثير البغض وعادة سيّه |
حدّر المعصوم عنها والحسد مغزاها |
وكل عبد له نوايا والعمل بالنيه |
وكل نفس اللي خلقها بالعمل يجزاها |
النصيحه يا النشاما سنة شرعيه |
والمكدب لا يناظرها ولا يقراها |
ما نقول إن النصيحه تعتبر جبريه |
الأوادم ما كفلنا غيضها وارضاها |
ومن الأبيات الرائعة لشاعرنا عن الصاحب والشخص الذي يعتب عليه الرجال: |
أنا اتقيد في قوانين واسلوم |
واجامل الصاحب واخفف ثقيله |
وعند خفايف زلته تنتهي بيوم |
ما انشر دعايتها لمومي شليله |
ولو حل بين اثنين شاتم ومشتوم |
شرهوا على العاقل رجال القبيله |
واصبح تركيز الانظار واللوم |
على الذي يرقى الطويل ويميله |
وإلا الغشيم اللي من العرف معدوم |
يشره على صب البحور بصميله |
وفي هذه الأبيات يتحدث بأسلوب جميل عن الرفيق الذي لا يقدر من يأتيه في محله من أجل حاجة ما تطلب منه، وأنه لن يذهب إليه طالما يعرف مسبقاً أنه لن يقدره: |
من لا يقدر عنوتي ما نصيته |
كان أجنبي وإلا من أقرب لحومي |
اللي إليا مني بحاجة بغيته |
عقد حجاجه تقل مصاص لومي |
رفيقي اللي يرفع الراس صيته |
ماني رفيق للعفون الرخومي |
وعن الأصحاب وكثرتهم بدون فائدة إلا القليل منهم يقول: |
توي عرفت العلم بعد التجاريب |
وأنا من أول كل رجالي غالي |
يا رجل والله لو نعد الأصاحيب |
محصي عددهم ياكريم السبالي |
لكن إليا جالي عليهم مواجيب |
خير بعضهم وانسحب عن مجالي |
وإن جا مجالي صنفوني عذاريب |
الله يسامحهم وأنا ابخص حالي |
وفي هذين البيتين يقول حفظه الله وأطال بعمره على الطاعة عن الجار وأنه معه في الرخاء والشدة: |
جار شكا بلوى زمانه على جار |
وأنا حذفت البشت دون اقصرايه |
لا زلت الفزعة عن الموقف الحار |
وقت السعه كل تحكم برأيه |
وها هو أيضاً يتحدث بهذه الأبيات الرائعات عن الرفيق الذي يبتعد عنه ولا يلقي له بالاً مقدماً العلاج لمثل هذه الحالة: |
أنا إليا شفت الجفا من رفيقي |
أقفيت وأرض الله لخلقه وسيعه |
ما اشفق على اللي ما طريقه طريقي |
النفس عن بعض المجامل رفيعه |
ولا ني على بحث السراير شفيقي |
الناس كل له ظروف وطبيعه |
ختاماً هذا ما تيسر لي تقديمه لكم وهو جهد متواضع أرجو أن أكون قد وفقت في جمعه وطرحه لكم في هذه الصفحة الفريدة الفذة الجميلة في طرحها وفي أهلها وقرائها الكرام، مقدماً اعتذاري للشاعر على التقصير، وكل خلل ورد فيما كتبته عنه، وتقبلوا تحياتي جميعاً وشكري وتقديري وجميل عرفاني. |
صالح بن عبدالله الزرير التميمي - الرس ص.ب 1200 |
|