تأمَّل أخي المسلم وأختي المسلمة هذه القصة العظيمة في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في الصحيحين: (عن عروة أن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حدثته أنها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أُحد؟ قال: لقد لقيتُ من قومكِ ما لقيتُ وكان أشد ما لقيتُ منهم يوم العقبة، إذ عرضتُ نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم استفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني ملك الجبال فسلّم عليّ ثم قال يا محمد فقال ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً).
إنه تفاؤل بشكل غريب وجميل لأن أقصى احتمال أن الكفار لن يستجيبوا، فنبينا عنده تفاؤل في الدعوة أنه إن لم يسلم هؤلاء فإن الأمل يظل موجوداً في المستقبل المشرق وذلك بأن يسلم من ذرية هؤلاء المعاندين إن سلم من ذرية الكفار المحاربين، ولذلك لم يطلب نبينا - صلى الله عليه وسلم - من ملك الجبال أن يطبق الأخشبين على أهل مكة لأن عنده أملا، ونعم تحقق هذا الأمل ولو بعد سنوات طويلة فقد أسلم خالد بن الوليد وهو ابن الوليد الذي حارب الدعوة وأسلم عكرمة وهو ابن أبي جهل رأس المحاربين وأسلم صفوان وهو ابن أمية. وهكذا يبقى الأمل ونعيش التفاؤل ان تحقق فقد تحققت الأهداف المطلوبة وإن لم يتحقق فيبقى دافعاً لبذل المزيد والكثير ولو في أصعب الظروف وأحلك الليالي ونعيش ونحن متفائلون، ولهذا يستمر نوح عليه السلام بالدعوة ألف سنة تقريباً بالليل والنهار ولم يؤمن له إلا القليل. فهل نجعل الأمل حادينا إلى بذل المزيد والمزيد والصبر على المصائب والأذى والله متم نوره ولو كره الكافرون.
* تبوك