Al Jazirah NewsPaper Friday  25/07/2008 G Issue 13084
الجمعة 22 رجب 1429   العدد  13084
محذراً من خطورة الخوض في مسائل التكفير ومن شبه أهل الأهواء.. د. العقل:
مسائل التكفير من الفتن الكبرى في هذا العصر

الرياض - «الجزيرة»

وصف فضيلة الدكتور ناصر بن عبدالكريم العقل مسائل التكفير بأنها من الفتن الكبرى في هذا العصر، محذراً من خطورة الخوض في هذه المسائل، ومن شبه أهل الأهواء، ومذكراً بمجموعة من الأصول والمسلمات التي يحتاجها كل مسلم اليوم، ومتساءلاً ما المقصود بالتكفير، وهل كل تكفير مذموم؟ وأجاب قائلاً: هذه مسائل مهمة لأنها من الشبهات الكبرى من أصحاب نزعة الغلو - هداهم الله - أن يقولوا أنتم لماذا تذمون التكفير وهو مقتضى نصوص الكتاب والسنة والقطعيات، نقول لهم هذا (مصطلح) فإذا قيل التكفير هنا يقصد به التكفير المذموم وهذا مشهور منذ عهد الصحابة إلى يومنا هذا وهو تكفير أهل القبلة (المسلمين) دون مراعاة لشروط التكفير وموانعه ودون الرجوع إلى الراسخين في العلم إلا إذا دلت قرائن على أن المقصود بالتكفير الحكم العام، الحكم اللازم في الشرع فهذا أمر آخر، وأما عندما نتحدث عن التكفير في كتب العقيدة عند الحديث عن تأصيله وأحكامه نقصد عموم التكفير المشروع وما ينافيه وما يخل به، أما إذا تحدثنا عن ظاهرة التكفير في هذا العصر فإننا نقصد التكفير المذموم وهو المشكلة اليوم في عصرنا.

جاء ذلك في المحاضرة التي ألقاها فضيلة الدكتور ناصر بن عبدالكريم العقل أستاذ العقيدة بجامعة الإمام محد بن سعود الإسلامية بالرياض في جامع الإمام تركي بن عبدالله بوسط مدينة الرياض بعنوان: (خطوة الخوض في مسائل التكفير والحذر من شبه أهل الأهواء) بحضور سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء، ورئيس إدارة البحوث العلمية والإفتاء، ولفيف من الدعاة، وطلبة العلم.

وبين فضيلته أن التكفير المشروع من الأحكام الشرعية العظمى التي تحكم جميع الخلق نفياً وإثبات، كما قال الله عز وجل: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ}، فالخلق كلهم، المكلفون دائمون بين الكفر أو الإيمان فمن هنا لابد أن ندرك أن الكفر حكم الله به على العباد الذين ضلوا عن سبيله وجانبوا طريق الأنبياء والمصلحين، واعرضوا عن دين الله، وعن شرعه، ولم يستجيبوا لأمر الله وتوحيده بالدعوة التي قامت عليها جميع دعوات الأنبياء والمرسلين والتي يجب أن تقوم عليها جميع الدعوات إلى قيام الساعة وهي تقوم على قاعدة: {أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ}.

وحذر الدكتور العقل من خطورة ما يلوكه بعض الغوغائية في المجالس، وبعض وسائل الإعلام الذين يتنكرون للتكفير ويقولون أنتم أشغلتم الناس وأحرجتم المسلمين هذا كافر وهذا مسلم، نقول لهم: ليس هذا إفراط، هذا حكم الله لكن يجب أن نؤدي ونبلغ هذا الحق بالأسلوب المناسب، وعلى هذا فإن إطلاق الكفر على الكافر حكم شرعي قضى الله به، وحكم به على الكافر الأصلي وليس لنا فيه خيار، يبقى أسلوب إبلاغ هذه الأحكام، والدعوة وبيان الحق هذا هو الذي يحتاج إلى شيء من الحكمة.

وقال فضيلته: إن الجماعة يمثلها العلماء والولاة وأهل الحل والعقد في الأمة من الدعاة ومن يعنيهم الأمر.. مشيراً إلى أن هناك خللاً في فهم الجماعة عند بعض شبابنا، ولديهم سلبيات في النظر إلى الجماعة، ويرى وينظر بعضهم أنه إذا أخطأ أو زل العالم أو أخطأ الحكم أو أخطأ الداعية، أو وقع أحدهم في بدعة خرج من الجماعة، لا، وهؤلاء من خلال هذه النظرة قد خرجوا عن الجماعة بهذا الاعتبار، كما أنهم خرجوا عن السمع والطاعة.

وشدد فضيلته على أننا في هذه البلاد بخاصة علينا السمع والطاعة لولاة أمرنا ولعلمائنا، السمع والطاعة بالمعروف من غير معصية الله، فلا يمكن أن يقام كيان ويقوم جماعة إلا بالسمع والطاعة، فهؤلاء خرجوا عن السمع والطاعة، تمردوا وخرجوا خروجاً سافراً ويعلنون التمرد على السمع والطاعة ويتدينون بذلك، وغرروا بكثير من الشباب في هذا الأمر، ونتج عن ذلك نقض البيعة، والنبي صلى الله عليه وسلم صح عنه قوله: (من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة الجاهلية).. مشيراً إلى أن بعض الشباب قال: إن منهم من له بيعة أخرى، ونقول: إن هذا عبث وتلبيس على الناس، فالإنسان إذا كان في عنقه بيعة فلا يجوز أن يبايع بيعة أخرى، وهذا من نقض الثوابت في الدين، وهذا دليل على عدم التوفيق وعلى وخلص الشيخ العقل إلى القول: نحمد الله أن هذه البلاد المباركة تقوم على ثوابت الحق، وقائمة على السنة والجماعة، وقامت على تلكم الدعوة المباركة دعوة الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب التي نصرها الإمام محمد بن سعود - رحمهما الله - ولا تزال الدعوة والدولة كياناً واحداً ولله الحمد ظاهراً قائماً، تقوم به الحجة على جميع الخلق، فيجب أن نحافظ على هذا الكيان وعلى هذه النعمة، كما أن هذه البلاد يقوم نظامها على الكتاب والسنة وهذا موجود ومعلن، أما أن يوجد تجاوزات أو بعض الأمور التي تخرج عن هذا النظام فهذه مسألة لا تخل بالأصل، يجب أن تعالج بالتناصح ولا تزال تعالج، ونصح الناصحين قائم، عبر مشايخنا، ومجلس الشورى وغيره ولله الحمد، وهناك توجه جاد من الدولة - وفقها الله - لإصلاح كثير من الأمور التي يُرى أنها خالفت النظام والشرع، وهذه نعمة يجب أن نحمد الله عليها، وأن نشكر القائمين عليها ابتداء من خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله ووفقه لكل خير - وولي عهده كذلك، وجميع المسؤولين وأن ندعو لهم، وأن نؤيديهم على الحق فيما قاموا به من نصر الحق، وما يكون من أخطاء تعالج بالمناصحة التي بيننا وبينهم، كما أمر الله تعالى، وأوصى رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وكما هو نهج سلفنا الصالح وهو الذي عليه علماؤنا اليوم بحمد الله.

وشدد فضيلته مرة أخرى على أن هذه البلاد المباركة قامت على البيعة والسمع والطاعة والنصح للأمة والولاة، ومرجعية العلماء، كما قامت على جمع الشمل في هذه البلاد حيث كانت متفرقة على مذاهب وعلى توجهات وقبائل وأحزاب وأقاليم، فيجب علينا أن نحافظ على هذه النعمة، نعمة اجتماع الشمل، فالأمن من النعم الظاهرة التي أنعم الله بها علينا - عز وجل - بالعمل بشرعه، هذه النعمة التكفير المذموم يخل بها وإذا أخل بها أخل بجميع الأمور المطلوبة شرعاً، بما في ذلك شعائر الدين الظاهرة، هل يمكن تقام شعائر الدين الظاهرة بلا أمن وبالأمن تحفظ الحقوق، والأعراض والأرواح والعقول فكونهم يستهدفون رجال الأمن ويستهدفون الأمن هذا دليل حمق، ودليل ضعف في الإيمان، وضيق أفق مهما كانت الذرائع. واختتم الدكتور ناصر العقل محاضرته قائلاً: وأخيراً يجب أن نعترف أننا حكاماً ومحكومين، علماء وغير علماء يقع منا أخطاء (ليس معصوم إلا النبي صلى الله عليه وسلم)، أخطاء كثيرة وصغيرة ونحن ما زلنا نعترف بذلك وعلاجها بالحكم والتناصح، بعض الناس قد يحتج بأن العلماء لديهم أخطاء، نعم هم ليسوا معصومين لكن يجب أن نعترف أن العلماء هم خيار الأمة، ومع ذلك قد يقعون في زلات، لكنها لا تقلل من قدرهم، فإذاً ما الحل؟ ليس الحل في علاج هذه الأمور في العنف الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم، بل بما أمر به من الصبر والمناصحة، ولزوم الجماعة، ولزوم الطاعة، والتناصح، والتعاون على البر والتقوى، والسعي في الإصلاح والصبر والمصابرة والمرابطة كما أمر الله عز وجل، نسأل الله للجميع التوفيق والسداد والرشاد، ونعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ونسأل الله عز وجل أن يهدي شبابنا، وأن يجمع كلمتنا معهم على الحق والهدى، وأن يصلح ولاة أمورنا وشبابنا وعلماءنا ويجمعنا على السنة والجماعة.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد