Al Jazirah NewsPaper Friday  25/07/2008 G Issue 13084
الجمعة 22 رجب 1429   العدد  13084
تزكية النفس
فهد بن سليمان التويجري *

الناس منهم الجميل والدميم، والأبيض والأسود، والكل يحاول تحسين صورته، ويبذل ما في وسعه ليظهر بالمظهر الأفضل دائما، فهو يهتم بما يلبس، ثوب حسن، وغترة جميلة، وشماغ جديد، ولا يكتفي بذلك بل ويحرص أشد الحرص على بشرته بتنقيتها وتحسينها، وأكثر الرجال يهذب لحيته، وبعضهم يصبغها ليكون في أحسن صورة، وهذا حسن، فإن الله جميل يحب الجمال.

وإمام الخلق - عليه الصلاة والسلام - كان حريصا على مظهره وكان يلبس من الثياب أحسنها، ويستعمل الطيب، ويلبس الحلة من الثياب، ولا يرى منه إلا الحسن، ولكن لم يغفل عما هو أهم، وهو تزكية الداخل وتنقيته من الشوائب، أعني تزكية النفس، وتهذيبها، فالإنسان جسد وروح لا يتصور وجود أحدهما دون الآخر، الجسد مكون من أعضاء نشاهدها ونباشرها، والروح لا نشاهدها ولا نعرف كنهها وحقيقتها {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} (85) سورة الإسراء.

والروح والجسد مكمل بعضهما الآخر، وإذا افترقا فالروح باقية، ولذا كانت تزكية النفس أولى.

إن تزكية النفس مما عني بها العقلاء، فأعظم من تحدث عنها ربنا في كتابه (قد أفلح من زكاها) ثم رسولنا - صلى الله عليه وسلم - في سنته، ثم صنف في ذلك العلماء والخبراء قديما وحديثا.

إن معنى تزكية النفس هو السعي في إصلاح الباطن، ومحاولة كبح جماحها، إن النفس أمارة بالسوء، ولعل مما يعين على إصلاحها وتهذيبها التالي:

ذكر الله ومنه القرآن، وكأذكار الصباح والمساء، والدخول والخروج، والركوب.. إلخ، واجتناب المحرمات كأكل الربا وأكل الرشوة.. إلخ، والخلوة بالله بعض الدقائق في كل يوم، ومجالسة الصالحين، والدعاء في كل يوم ولو بضع دقائق، وحفظ الجوارح ما استطعت إلى ذلك سبيلا، وقيام الليل ولو ربع ساعة، وفعل المسنونات بعد الواجبات، كركعتي الضحى، والسنن الرواتب، والوتر، والصدقة، والاقتصاد في الأكل والشرب، والملذات عموما.

إن الإحسان للآخرين يزكي النفس، وكذلك التسامح معهم والبذل والتضحية، والإيثار، وعلاج القلب من الحقد والحسد، والضغينة، وبهذا كله تسمو النفس وتربى الذات مع الصبر والمصابرة، وتكرار المحاولة في تزكية النفس، فإن النفس خداعة أمارة بالسوء، ميالة للشهوات، ولا تنسَ التوبة فإنها مما يزكي النفس.

أسأل الله أن يجعلني وإياك أخي القارئ ممن اطمأنت قلوبهم ونفوسهم، فإن النفس أمارة، ولوامة، ومطمئنة. وإلى اللقاء..

* المجمعة



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد