ثمة آفة عظيمة إذا أصيب بها الإنسان فقد صار ذا خلق ذميم والبذيء يمكن أن تتلمس بذاءته في لسانه أو في قلمه أو تصرفاته وهكذا.
ونحن في هذه الحياة لسنا مخيرين دائماً في أن نتعامل مع البذيء أو لا نعمل، بل نحن مجبورون في حالات معينة وفي ظروف معينة أن نتعامل مع ذوي البذاءة، غير أننا مختلفون في درجة ذلك التعامل كما أن أهل البذاءة ذاتهم مختلفون في درجتها!!!، وهذا الصنف من البشر وصفه أنه كل من تركه الناس اتقاء بذاءته وسعوا إلى وقفها عنهم؛ لأنه يعبر عن كل قبيح يزعجهم بقوله أو قلمه أو فعله.
وكل شرير بذيء غير أن ليس كل بذيء شرير فقد يكون ساذجا حُرِّك لإزعاجك، فالبذاءة في الغالب أصل الشر كما أنها ربما تكون علامة السذاجة والسطحية، كما أنها دليل ضعف الإيمان وقلة الحياء وخبث الطوية وسبب لقلة الأصحاب والهوان لدى الناس، وفي الحياة كم نلاقي من الناس منهم بذيئو الخلق والتعامل قليلو الحياء!! نلاقيهم في الشارع والسوق والعمل والمجتمعات واللقاءات وبما نقرأ لهم ونسمع، وكلما كثرت البذاءة في أسرة أو مجتمع كلما كان أهله بعيدين عن الخير قريبين من الشر، وقد حذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها فقال: (الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة، والبذاءة من الجفاء والجفاء في النار)، والبذاءة ليست من خلق المؤمنين قال عليه الصلاة والسلام: (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش البذيء)، والبذيء مبغوض من الله ومن الناس قال عليه الصلاة والسلام: (ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خُلق حسن، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء)، ومن أشد البذاءة وأقبحها وأعظمها البذاءة مع الله ونبيه - صلى الله عليه وسلم - وما جاء به من عند الله وكذلك البذاءة مع أصحابه - رضي الله عنهم - لذا نجده - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عن ذلك فقال: (لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أُحد ذهباً ما أدرك مُدَّ أحدهم ولا نصيفه).
وكم هي معبرة تلك القصة التي تقول إن أبا الدرداء - رضي الله عنه - رأى امرأة سليطة اللسان، فقال لو كانت هذه خرساء لكان خيراً لها!! نعم صدق - رضي الله عنه - كم من الناس في زمننا هذا لو كان الواحد منهم أخرس لما تكلم بالبذاءة ولو كان أمياً لما كتب البذاءة ولو كان فاقدا للحركة لما تحرك بالبذاءة، وكم من الناس لو كان لا يعرف الإنترنت ولا فنونه لكان خيراً لأنه بذيء بمشاركاته وأطروحاته، وربما بذيء بموقعه عموماً وقس على ذلك!!، البذاءة خلق ذميم كما أسلفت قد يولد مع المرء لكن للتربية دورا فيه، فإذا كان الوالدان قدوة سيئة أو أهملا الطفل ولم يربياه على الحياء وحسن الخلق تأصلت فيه، ومن المؤسف أن من الآباء والأمهات من يشجع الطفل على البذاءة من باب الفكاهة والتبسط معه، فيعلمانه على سبيل المثال أن يلعن أخاه أو أخته أو خاله أو عمه لا لشيء إلا ليضحكا ويضحك معهما محبو البذاءة والفحش!!، وما علما أنهما بذلك يربيانه على سوء الأخلاق ذلك السوء الذي لا ريب أنه سيكوي قلبيهما عندما يبلغان من العمر عتياً، فكل إناء بما فيه ينضح ناهيك عن أن سمعتهما قد تشوهت ولا عجب فصدق من قال من شابه أباه فما ظلم، فلو لم يكونوا بذيئين فاحشين لما ربياه على الفحش والبذاءة.
Ajardan@gmail.com