د. حسن الشقطي(*)
أغلق سوق الأسهم هذا الأسبوع عند 9081 نقطة رابحاً 220 نقطة، وهي الربحية التي جاءت نتيجة ربح المؤشر لنحو 213 نقطة يوم السبت الماضي، التي تلاها مسار أفقي طفيف لم يربح فيه المؤشر سوى سبع نقاط فقط. ورغم أن الحصيلة الأسبوعية تعتبر ربحاً صافياً للمؤشر العام للسوق وكذا لمعظم قطاعاته، إلا أن اتفاقا عاما بين المتداولين بات يشير إلى عدم التيقن من هذا الصعود وخاصة مع الإغلاق تحت مستوى الـ9200 نقطة لدرجة أن البعض أصبح يتوقع حدوث هبوط جديد لعدم قدرة المؤشر على الإغلاق فوق مستوى الـ 9200 نقطة، وخاصة مع استمرار ضعف السيولة المتداولة.. لذلك، فمنذ الأحد الماضي تسود مجتمع المتداولين حالة من الحذر المشوب بالخوف.. وذلك رغم الإعلانات العديدة عن نتائج إيجابية لشركات ثقيلة ومؤثرة في المؤشر والسوق.
ومن جانب آخر، فقد تسبب الإعلان عن طرح أسهم استرا الصناعية بسعر 42 ريالا في إثارة الجدل المستمر عن علاوة الإصدار ومدى واقعية استمرار طرح أسهم جديدة بهذه العلاوات المرتفعة.. بل تعدى الأمر من مجرد طرح أسهم بعلاوات إصدار إلى كونها أسهما صغيرة في حد ذاتها.. إن الجميع يتساءلون حول الأسباب والمبررات التي يمكن أن تكون سببا في طرح معظم الأسهم الصغيرة بعلاوات إصدار مرتفعة ومتضخمة في مقابل طرح الأسهم الكبيرة والثقيلة غالباً إما من دون علاوات أو بعلاوات منخفضة جداً؟
المؤشر يقفز ثم يركد:
حركة المؤشر هذا الأسبوع بدأت بصعود قوي يوم السبت الماضي ربح فيه المؤشر 213 نقطة، تلاه مسار أفقي ضيق لم تتجاوز فيه ربحية المؤشر في اليوم الواحد نحو 15 نقطة، إلا أنه خسر معظم نقاط المسار الضيق نتيجة إغلاقه يوم الأربعاء على خسارة بنحو 28 نقطة. ورغم الصعود هذا الأسبوع إلا أن حركة المؤشر كانت أقرب إلى الاضطراب منها إلى الهدوء نتيجة السقف الذي وضعه غالبية المحللين لاستقرار المؤشر فوق مستوى الـ9200 نقطة ولسوء الحظ أن المؤشر لم يتمكن من تجاوزه.
هل مسار المؤشر هذا الأسبوع كان عشوائيا؟
البعض يعتبر هذا السؤال من قبيل التنظير، إلا أنه السؤال الأساسي الذي يمكنك من الحكم على السوق.. والحكم على مدى سيطرة أطراف معينة على حركة التداول.. حالة السوق خلال الأسبوعين الأخيرين تدل على بعض الضعف للسوق، بل تدلل على أن السوق بدأ يستعيد بعض دلالات وهنه القديم أيام السيطرة والاحتكار.. إن ثبوت المسار العشوائي يعتبر من دلالات صحة السوق، ولكنه خلال الأسبوعين الماضيين لم يثبت هذا المسار لا هبوطاً ولا صعوداً.. بل ثبت أن حركة التداول يتحكم فيها أطراف ربما تمتلك إمكانية تسييره.. فالسوق ككل يمر بفترة إجازة صيفية غالبا ما تشهد ركودا.. ومن جانب آخر يشهد اكتتابات واحداً تلو الآخر، ما إن ينتهي أحدها حتى يدرج، وما إن يدرج حتى يُطرح سهم جديد.. إن السيطرة الآن لم تعد كما في الماضي.. تتمثل في سيطرة مضاربين أو مستحوذين في أسهم معينة بقدر ما أصبحت سيطرة في أركان مهمة بالسوق مثل تحريك قطاعات بكاملها أو السيطرة على الأسهم المطروحة حديثاً التي تمتلك القدرة على التأثير على المؤشر بكامله، أو ضرب أسهم ثقيلة وتحييد دورها.
بعد طرح حوالي 45 شركة جديدة هل أصبح السوق أفضل عما قبل؟ نعم ازداد عمق السوق.. ونعم أصبح هناك تشتت للملكية إلى حد ما.. وأصبح عدد الأسهم المتداولة أكبر من إمكانية المستثمر الفردي أو حتى عدد منهم.. وأيضاً شهدنا تحسناً في حركة التداول على مدى عام مضى.. ولكن فجأة بدأ الوضع يعود إلى سابق عهده القديم نتيجة عودة حالة التمكين التي كانت تسيطر على المؤشر من قبل ونتيجة استعادة السوق لحالة الحركة الرتيبة وغير المفهومة في كثير من الحالات.. الآن وبثقة لا يمكن لأي محلل فني أو أساسي أن يعرف كيف سيكون السوق غدا أو بعد غد.. لا توجد معايير يمكن أن تُبنى عليها تقدير للمستقبل.. إننا لا نتكلم عن المستقبل البعيد، ولكننا نأمل في توقع المستقبل القريب.. إن السبب هو المفاجآت.. إن الربح الاستثنائي في السوق اليوم إنما هو ربح توقع أو الوصول إلى معلومات عن المستقبل أو عن المفاجآت التي يمكن أن تحيط بالسوق بعد يوم أو أسبوع أو شهر.
أسهم صغيرة بعلاوة إصدار كبيرة:
عندما تقارن أسهم كالإنماء أو كيان أو زين أو عندما تقارن أسهم أخرى مثل معادن أو جبل عمر التي أصدرت بعلاوات إصدار منطقية ومقبولة رغم كبر حجم الطرح ورغم الثقة في الشركة المطروحة وفي ربحيتها.. عندما نقارنها بأسهم أخرى طرحت ولا تزال تطرح بعلاوات إصدار تتجاوز الـ30 ريالاً وهي أسهم لشركات صغيرة وغير معروفة لجمهور المكتتبين يبدو الأمر مستغربا.. لماذا هذا التباين؟ ولماذا بات طرح الأسهم الصغيرة بعلاوات مبالغ فيها؟ بل لماذا هذا الاهتمام بتسارع طرح كل ما ينتمي لشركات صغيرة؟ هل هو لصالح سوق الأسهم أم لصالح الاقتصاد الوطني؟ أم لصالح مالكي هذه الشركات؟ وما هو أهم، لماذا لم يفكر أصحاب هذه الشركات في إدراجها بسوق الأسهم قبل عام 2006؟ إن الجميع يعلمون أن كثيرا من الشركات التي طرحت خلال العام الأخير إنما هي شركات قائمة قبل عام 2006.. فهل أصبح سوق الأسهم أفضل عما ذي قبل لهذه الشركات؟ باختصار إن ما تقوم به هيئة السوق من إصلاحات هي جهود ينبغي الإشادة بها، ولكن شرط أن تتيقن الهيئة أن السوق والمتداولين فيه يحتملون وقادرين على الاستفادة من المدى الزمني المخطط لها غير متضررين من أي من جوانبه.
* محلل اقتصادي
Hassan14369@hotmail. Com