Al Jazirah NewsPaper Friday  25/07/2008 G Issue 13084
الجمعة 22 رجب 1429   العدد  13084
العراق بعيون كونداليزا رايس!
د. سعد بن عبدالقادر القويعي

منذ أن حلت كارثة غزو العراق بتاريخ 9-4- 2003 م, فإن المتابعة للمشهد السياسي يلاحظ تطور الأحداث في ملف العراق وهو يودع عامه الخامس ويدخل عامه السادس، والتخبط الشديد الذي عاشته إدارة الرئيس (جورج بوش) في طريقة تعاملها مع الأزمة العراقية.

فالحال في العراق من سيء إلى أسوأ، وانعكست تردي الأوضاع الأمنية على جميع مناحي الحياة، فأصبح للجريمة سطوتها وهيبتها ابتداءً من قتل العلماء والأطباء وأساتذة الجامعات، مروراً بجرائم خطف الأطفال والنساء والرجال، وانتهاءً بجرائم التزوير.

وفي هذا السياق اتهم السيناتور الديمقراطي (ديك دورين) إدارة (جورج بوش): (بأن خطتها تقتصر على ترك المأزق العراقي بالرئيس المقبل).

بهذه المعادلة الصعبة، وبعد كل هذه المآسي والآلام الذي يعانيه الشعب العراقي، يسعى الأمريكيون إلى تسويق صورتهم في العالم العربي لا بوصفهم قوة احتلال، وإنما بوصفهم قوة تجديد وتحرير.

رغم اعتراف الرئيس الأمريكي (جورج بوش) بأن المعلومات الاستخباراتية التي استند إليها لغزو العراق والبالغ عددها (935) معلومة كانت كاذبة، حسب دراسة (تشارلز لويس ومارك ريدنع سميث).

بل إن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة (مادلين أولبرايت) أصدرت قبل سنتين كتاباً تحت عنوان: (الجبروت والجبّار)، قالت فيه: (يمكن في النهاية أن يكون غزو العراق - وما تلاه - من أسوأ كوارث السياسة الخارجية في التاريخ الأمريكي، مع أننا في النهاية نأمل بحرارة بخلاف ذلك).

وتقول: (إنها منذ ذلك الحين كانت تكرر تلك العبارة على المستمعين في كل أنحاء أمريكا، فتذهل من الرد: التصفيق).

ثم تقول: (في البداية لم أتمكن من فهم الأمر: لماذا يصفقون؟ أملت بأن أكون مخطئة. ثم تبين لي أن الناس يصفقون لأنني قلت ماتوصلوا إليه قبل ذلك بوقت طويل: الحرب خطأ، وعلينا إيجاد أفضل طريقة للخروج).

وإمعاناً من الولايات المتحدة الأمريكية في غزو العراق ، فقد أدلت وزيرة الخارجية الأمريكية (كونداليزا رايس) في مقابلة قبل أيام مع شبكة (بلو مبرغ): (أنها فخورة بالاجتياح الأمريكي للعراق).

ولاشك عندي في ذلك. فهي فخورة باحتلال العراق لأن هناك أبعاداً إستراتيجية عديدة للحملة على العراق، أهمها: تقسيم العراق وتفتيته من أجل حماية إسرائيل وتأمين استقرارها، انطلاقاً من الطابع العقدي الذي يتفق عليه اليهود وحلفاءهم من الإنجيليين الجدد.

ومن أجل ذلك شكّل قرار الكونغرس الأمريكي والذي تبنى مشروع المرشح الرئاسي الديمقراطي السيناتور (بايدن) الداعي إلى تقسيم العراق إلى ثلاث فد راليات (كردية وسنية وشيعية)، خطوة مهمة لتطبيق القرار بشكل رسمي على أرض الواقع. وهي فخورة باحتلال العراق من أجل نهب ثروة العراق النفطية، وبخاصة أن أمريكا تواجه نقصاً حاداً في المخزون فيما يتعلق بالنفط، فحاجتها إليه تزداد يوماً بعد يوم، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى، فإن إمداد إسرائيل بنفط العراق من خلال إحياء خط الموصل - حيفا المار بالأردن عبر نقاط h1 و h2 و h3 (المسمى مشروع شيخينا) الواقع في المنطقة الغربية على الحدود بين الأنبار والأردن هو مطلب مهم. هذا الواقع المؤلم، يؤكد تماماً أن الإدراة الأمريكية - بحلفها وطغيانها - تقود العالم بمنطق القوة والجبروت وراءها للتصديق بأكاذيبها.

وأن القيم والشعارات من أجل سعادة وحرية الشعب العراقي، والإتيان بنظام ديمقراطي بديل من أجل الاستقرار والازدهار، والتي تتشدق بها الإدارة الأمريكية اعتقاد بليد، ودعاوى ثبت بطلانها وزيفها. بل هي جزء لا يتجزأ من الأكاذيب السياسية.



drsasq@gmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد