كان صدور قرار معالي رئيس ديوان المظالم (الشيخ محمد عبدالله الأمين) بتحويل فروع الديوان إلى محاكم إدارية، وإنشاء محاكم جديدة في كل من: تبوك، وحائل، والحدود الشمالية، ونجران، وجازان، والباحة، بمثابة نقلة نوعية؛ لصياغة المستقبل المنشود للديوان؛ فهو الملاذ الآمن لكل الناس، والوعاء المناسب لحمل ثقافة إنصاف المظلومين، ومن هنا أدعو الله أن يكون في عون (15) قاضياً في المحكمة الإدارية بمحافظة جدة ينظرون سنوياً في حوالي (2000) قضية إدارية، تزداد كل عام بنسبة تتراوح ما بين (20%) و(30%). ودعوتي للقضاة مشفوعة بتساؤل: كيف يستطيع هذا العدد الضئيل إصدار أحكامهم براحة بال كاملة، وهم يواجهون هذا السيل الجارف من القضايا، التي يترتب على تأخير البت فيها إضرار بمصالح المتقاضين؛ ما يعد مخالفة لما تسعى إليه الحكومة، من حرص على إنصاف المظلومين، وبسط العدالة، في مواجهة نقص واضح في كوادر القضاة، وفي وقت ارتفع فيه وعي الناس بحقوقهم، ومطالبتهم بها، وتزايد لجوئهم إلى المحاكم الإدارية (ديوان المظالم)؛ حيث يقيم بعضهم دعاوى ضد بعض الأجهزة الحكومية، مطالبين بإيقاف قرارات إدارية، أو الحصول على تعويضات.
هذه واحدة، والثانية أن المنطقة الشرقية، التي تعد واحدة من أكبر مناطق المملكة كثافة سكانية، ومساحة جغرافية، ليس فيها سوى محكمة إدارية واحدة فقط، يتوافر فيها (20) قاضياً، ينظرون في قضايا إدارية، وتجارية، وجزائية، أما منطقة القصيم فيعمل في محكمتها الإدارية (9) قضاة فقط، ينظرون في دعاوى، (90%) منها مرفوعة ضد بعض الإدارات الحكومية من بعض الموظفين، بينما يعمل في المحكمة الإدارية بالمدينة المنورة (23) قاضياً، أفلا يترتب على هذا النقص الواضح في أعداد القضاة تأخير البت في قضايا الناس، وبطء إجراءات القضايا المنظورة، وبيروقراطية ترتيباتها؟ ليس هذا فحسب، بل يتعجب المرء إذا علم أن القاضي يقوم بكل ما يتعلق بالقضية التي ينظرها، (ألا يمكن) إيجاد آليات تساعده مثل: إسناد تحرير مسببات القضية إلى شخص آخر غيره؟ وهل من المعقول أن يوجه القاضي (50%) من جهده إلى أمور غير إصدار الأحكام؟
هذه الأسئلة، وربما غيرها، نابعة من اهتمام الناس بالقضاء الإداري، وتعاظم مسؤولياته، في مجتمع يشهد كل يوم مئات القضايا الإدارية، تتطلب بتاً وليس تأخيراً فيها، وتستدعي تعزيز قدرة الديوان على مواجهة هذا الكم الهائل منها، وسرعة الفصل فيها، فهل يمكن حل المشكلات التي يواجهها الديوان أو التخفيف - على الأقل - من حدة تأثيراتها السلبية على المتقاضين، من خلال محكمة إلكترونية، أي تقدم خدماتها القضائية إلكترونياً، وهو ما بشّر به نائب رئيس ديوان المظالم (الدكتور محمد العيسى)؟
أتوقع ذلك إذا لم تصطدم بمعوقات مالية، وإجراءات بيروقراطية، تحول بين تطلعات الديوان، وما يتوخاه الناس من تطور في الخدمات القضائية الإلكترونية، يؤدي إلى تسريع الأحكام ومواجهة البطء في إصدارها والتغلب على نقص أعداد القضاة.
فاكس 4543856 - الرياض