هكذا هي إسرائيل دوماً، تقيم الدنيا ولا تقعدها، لو عبرت دجاجة إسرائيلية عوراء عرجاء حدود أي بلد عربي مجاور لحدودها المستلبة التي ليست هي في الأساس حدودا لها بل حدود لفلسطين المحتلة، أقول هكذا تفعل إسرائيل من أجل دجاجة فكيف الحال لو عبرت مجندة إسرائيلية عاهرة إلى تلك الحدود، حتى ليس من أجل مهنتها العسكرية بل من أجل أقدم مهنة في التاريخ؟!
بالطبع لو فعلت ذلك مجندة إسرائيلية لمحض تعلُّم الرقص الشرقي (الأصيل!!) والأصيل هذه أرجو أن لا يستغرب القراء منها؛ لأنني قرأت أكثر من مرة وفي غمار حرب هزّ الوسط بين فيفي عبده ونجوى فؤاد، إذ تقول فيفي دائماً: إن زميلتها نجوى تقوم برقص مبتذل وليس رقصاً (أصيلاً) مثل رقصها، أي رقص فيفي عبده ع (الوحدة ونص)، أقول ولكي أكون مهذباً أكثر في هذه المقالة لو أن مجندة أو جندياً إسرائيلياً تاه ليلاً وقبضت عليه إحدى الدوريات العربية، لأقامت إسرائيل الدنيا ولن تقعدها حتى تعيده إلى أهله.
ولو بادلته بكل الأسرى العرب القابعين في سجونها، بل حتى برفاه كل الشهداء العرب منذ ال(48) إلى هذا اليوم، ولعلنا نتذكر جيداً تلك (الهليّلة) الإعلامية الضخمة التي افتعلتها في قضية الجندي الإسرائيلي (شاليط)، أي أن رفات الجندي الإسرائيلي النافق يعادل عندهم كل جنود العرب والدليل على ذلك هو ما فعلته أخيراً مع حزب الله حينما بادلت جنديين برفات أكثر من مئتي عربي بين لبناني وفلسطيني، وكان بينهم هذه المرة (كويتي) لم ينتبه لاستشهاده أحد لو لم تتمسك جبهة التحرير الفلسطينية بضرورة دفنه في دمشق، وهذه الحالة تذكرنا بالعشرات من أبطال الخليج العربي الذين استشهدوا على جبهات القتال التي تنكرت لتضحياتهم الدول العربية والمنظمات التي كانوا يقاتلون ضمن كوادرها أو يدافعون عن حدودها، أي بمعنى آخر لست أدري لماذا كان حزب الله على وجه التحديد يطالب ب(سمير القنطار) دون سواه من باقي الأسرى العرب وتجاهل الحزب الشهيد الكويتي (المجادي)؟ هذا السؤال الذي يؤدي إلى الكثير من الأسئلة حول نكران (قناطير) الخليج من الذهب التي كانت تدفع لدعم الصمود العربي والقضية العربية، أي أن بعض الاخوة العرب يعاملون الخليج كما تعاملهم إسرائيل، فالشهيد اللبناني أو السوري أو الفلسطيني لديهم يعادل كل الشهداء الكويتيين والسعوديين الذين قاتلوا دفاعاً عن الكرامة العربية.
فإذا كانت إسرائيل تبادل المئات من الأسرى والشهداء العرب بجندي واحد كما حدث مع القنطار ورفاقه، فإن إسرائيل لم تزل أيضاً تطالب بإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي (شاليط) مقابل رفات مئات الشهداء العرب، لذا فالسؤال الذي يطرح نفسه هل قنطار العرب أهم من (قناطير) الخليج، وشاليط إسرائيل أهم من كل (الشلاليط) التي أكلتها العرب؟ ذلك هو السؤال.