فلنحي الدكتور زياد الدريس مندوب المملكة لدى الأمم المتحدة للتربية والثقافة (اليونسكو) على خلفية اعتماد موقع الحجر (مدائن صالح) في قائمة التراث العالمي التي تضم أكثر من 851 موقعاً ثقافياً وطبيعياً

ذات قيمة استثنائية للتراث الإنساني لـ141 دولة، ومن المنصف في هذا السياق أن نشيد بجهود الهيئة العليا للسياحة على مدى سنتين لتشغيل هذا الموقع الهام طبقاً لاشتراطات المنظمة التي تحاول عدة دول (بلغت 41 دولة) أن يشملها التصنيف ذاته، والمملكة تقدمت لطلب مثل هذا للمرة الأولى بتاريخها مع خمس دول منها إيران عبر منطقة أثرية في أذربيجان واليمن عبر جزيرة سوقطرة ولا شك أن اعتماد موقع المملكة (مدائن صالح) من بين 3 مواقع تقدمت بها يعكس الجهد والإقناع الذي مارسه الدكتور الدريس مع سفراء المنظمة مستغلاً توجه بلاده الحثيث نحو تفعيل المواقع الأثرية والتراثية لخدمة المجتمعات الإنسانية في إطار نسق سياحي متميز.

وأنا أتعمد -بالطبع- التركيز على دور الدكتور الدريس باعتباره من الشخصيات الثقافية التي لها ثقل خاص في بلاده، برز هذا الثقل والدور عبر رئاسته لتحرير المعرفة التابعة لوزارة التربية والتعليم لعشر سنوات كانت حافلة بالحراك التربوي والثقافي الذي لا يهدأ، وتميز الدكتور زياد أيضاً عبر مؤلفاته والتي قرأته منها (المحيط العطلنطي وحكايات رجال) بأسلوبه الساخر حيث وصف في أحد كتبه أحد رجال الأعمال بأنه ديك الإنس (لأنه صاحب مزارع دواجن) على غرار ديك الجن الشاعر المعروف، كما تميز أيضاً بالعناوين الرائعة في مجلته المعرفة فأذكر في أحد الملفات التعليمية التي تزخر بها المجلة كتب عنواناً عن التعليم في تركيا قال فيه (التعليم في تركيا.. سعي نحو الكمال) وكان عناوينه تحمل تورية بلاغية في طياتها فهو يشير في عنوانه إلى كمال أتاتورك ولكن بطريقة لا يخطئها كل من يعرف أسلوب الدكتور زياد الذي زين حياته العملية الحافلة بشهادة الدكتوراة من جامعة موسكو (والتي حصل على الماجستير منها أيضاً) في الفلسفة في سوسيولوجيا الثقافة، وها هو الآن يأبى إلا أن يكون متميزاً في موقعه الجديد حينما نجح في إيصال رسالة المملكة في الأمم المتحدة لضم مدائن صالح ضمن التراث العالمي رغم أنه أمضى ثلاث سنوات فقط سفيراً لبلاده من أصل أربع سنوات (مدة العضوية) في مقر المنظمة في باريس.

تحية إجلال وتقدير لهذا الرجل الذي يمثل جيلاً مهماً من أجيال بلادنا فلمثل هؤلاء فلنرفع القبعات احتراماً.