-1-
وما الذي أعنيه بالرجل المضيء؟
أعني أشياءَ كثيرة..
أعني أن داخله كان يشرق بالإيمان والتقوى..
وكان خارجه يعكس النور الداخلي..
أعني أنه كان شفافاً في مسلكه ومعتقده..
قبل أن يستخدم أحد هذه الكلمة..
أعني أنه كان -دوماً- متهلل الأسارير..
يطفح وجهه بالبشر والتفاؤل..
هل يكفي هذا؟
لا!
هذا الرجل المضيء أضاء من قرى المملكة
ومدنها، بتوفيق من الله ثم بدعم من الدولة السنّية،
ما لم يسبقه إليه، أو يلحقه بعد، رجل آخر..
... ثم رحل الرجل المضيء..
المهندس محمود عبدالله طيبة.. رحمه الله
-2-
سعدت بالعمل معه سنين طويلة..
تتباعد بنا السبل.. وتجتمع..
عمل معي وكيلاً للوزارة..
ثم محافظاً للمؤسسة العامة للكهرباء..
ثم عضواً منتدباً لمجلس كهرباء الوحدة..
وعمل معي في مواقع عديدة غير هذه..
وفي كل مكان..
كان الرجل المناسب..
في الموقع المناسب..
يعمل ولا يتذمر..
يصل الليل بالنهار ولا يتململ..
كان دائم الأمل.. حتى عند هبوط الظلام..
كان يتطلع إلى الفرج.. حتى عندما تضيق الأزمة..
وكان دائم الابتسام.. مشرق الوجه..
مع الرئيس والمرؤوس
-3-
ماذا قلت؟!
مع الرئيس والمرؤوس!
التعامل مع الرئيس فن لا يتقنه كل أحد..
الانضباط في غير استحذاء.. والطاعة
دون رياء.. وإبداء الرأي في كل
الأحوال - اتفق مع رأي الرئيس أو اختلف..
فن التعامل مع الرئيس أن تنجز تعليماته
دون أن تكون شيطاناً أخرس..
وأشهد أمام الله - بعد رحيله - أنه
لم يكن قط شيطاناً أخرس!
والتعامل مع المرؤوس فن آخر جميل..
الكثيرون - أكثر مما يتوقع أحد - يغارون
من مرؤوسيهم المباشرين.. يغارون من إنجازاتهم..
ويفزعون من سيرورة ذكرهم..
وأشهد أمام الله - بعد رحيله - أنه لم يكن
يغار من مرؤوس..
ومكنه هذا من الاستفادة إلى الحدود القصوى
من طاقة كل مرؤوس..
الحدود القصوى القصوى!
واسألوا، إن شئتم، ناصر الصالح، أو فهيد الشريف
أو عبدالرحمن الزامل، أو سليمان القاضي - أو جميل الجشي
نستطيع أن نسميه، إذن، ذا الفنين..
فن التعامل مع الأعلى..
وفن التعامل مع الأدنى..
وهذه حكمة لم يؤتها إلا القليل!
-4-
بقيت جوانب أتركها لأني أعرف أنه كان
يريد مني أن أتركها..
جوانب الخير في الشخصية الإنسانية الفنية..
حب الأيتام..
الشفقة على الأرامل..
مختلف المناشط الخيرية..
ولماذا أذكرها؟
سيفضي إليها.. وإلى كثير من الباقيات الصالحات..
لا نزكيّه ولكننا ندعو له بالرحمة الواسعة
رحم الله أبا هانئ..
الرجل المضيء..