بالنسبة لما يحصل للاقتصاد الأمريكي، هنالك من يقول إنها دورة من الدورات الاقتصادية وهنالك من يقول إن الوضع الاقتصادي الأمريكي يدخل حقبة جديدة لها خصائصها وملامحها وتوجهاتها، أي منحى أو نموذج جديد.
الاقتصاد الأمريكي إلى وقت قريب مبني على طاقة رخيصة، محورها الأساس: النفط.
أما مؤخرا فهنالك مؤشرات لا يستهان بها: يعاني صانعو السيارات، ربما باستثناء شركة جنرال موتورز، هنالك توجه جديد لصانعي السيارات في دترويت، لم تعد تباع السيارة كما كان، ثم هنالك البورصة، التي لم يعد فيها نمو منذ عام 2002م، أما سوق المساكن المتدهورة، فكانت تشكل 1 في المائة من GPD، والآن تشكل 8 في المائة منها، ارتفاع في أسعار الوقود وأسعار الغذاء أصبحت الأسواق تتحرك بنسبة 70 في المائة نحو السوق الاستهلاكي وليس نحو السوق الإنتاجي.
لا يزال القطاع الخاص قويا، بمعنى أن ليس هناك تدهور اقتصادي ولربما تغير في المحتوى الاقتصادي فضعف الدولار كان في صالح التجارة الخارجية للولايات المتحدة، إذ أصبحت صادرات أمريكا منافسة من حيث الأسعار بالنسبة للدول الأخرى أو بمعنى آخر تزداد البضائع الأمريكية رخصا نسبيا خارج حدودها. مستوى الكساد الاقتصادي في أمريكا اليوم أقل بـ 10 في المائة، إذا ما قورن بمثيله في عام 1980م 11 في المائة بطالة، فقدان 3.8 مليون فرصة عمل، 14 في المائة مستندات مالية أقل من الوقت الحاضر. وعلى الرغم من أن الوضع ليس قريبا مما كان عليه منذ أكثر من 25 عاما مضت، إلا أن الناس يشعرون بأن حالتهم الاقتصادية سيئة، فالمسألة مسألة فقدان ثقة على ما يبدو، فالثقة في النفس مطلوبة حاليا أكثر من أي وقت مضى. ومن الاقتصاديين من يذهب إلى أن شعور المستهلكين الحالي لا علاقة له بالنمو الاقتصادي. ولكن يجب أن نستدرك ونقول إن مسألة الثقة تمر بدورة كأية ظاهرة من الظواهر، وهذا ينسحب على جانبي العرض والطلب على حد سواء.
ومساعدة الناس في أوضاع اقتصادية مثل هذه واردة جدا، ويجب ألا يحملوا تبعة ما يحصل في العملية الاقتصادية. في أمريكا مثلا هناك تقارير تشير إلى أن دخل الفرد لم يرتفع منذ خمس سنوات، مقاسا ذلك بأجور العمل، يضاف إلى ذلك انخفاض قيمة المساكن بنسبة تراوح ما بين 10 و15 في المائة، كما ارتفعت فترة عرض المساكن من 5 أشهر إلى 11 شهرا في الآونة الأخيرة. والغريب في الأمر أنه على الرغم من زيادة الاستهلاك بمقدار 4 في المائة، إلا أن هناك خسائر اقتصادية ملحوظة، ويظهر أن ذلك له علاقة بتحول النمط الاستهلاكي، ولأول مرة منذ زمن تصبح أمريكا أكثر منافسة على المستوى العالمي.
ويبدو أن ما حصل من تدهور في سوق المساكن كان له تأثير الدامينو، خفضت هذه المشكلة الاقتصاد وأبقته منخفضا، ولهذا السبب يمكن اعتبارها المشكلة المحورية، أصبح لها تأثير نفسي أعقبه بعد ذلك ارتفاع في أسعار البترول والغذاء. فمن الضروري إصدار نظام من نوع ما يأخذ على عاتقه تحفيزا لسوق المساكن وتأثيرات انخفاض البورصة وما يحصل في سوق العمل، والبترول، انتهاء بسوق المساكن، بمثابة الخروج من مشكلة والوقوع في أخرى.. وللموضوع صلة.