- حين نقلِّب أوراقاً من تاريخنا الرياضي فلا بد أن يقفز للأذهان والوجدان اسم (فهد الدهمش).. كواحد من الرموز الرياضية التي خدمت الحركة الرياضية السعودية بكل عطاء وإخلاص وعلى مدى نصف قرن من الزمن وفي أكثر من موقع رياضي وبشكل فاعل خلال عقود من الزمن (1378-1429هـ) كان إزاءها نموذجاً للخلق العالي والإخلاص والعطاء والتضحية في مسيرته الناجحة.
- بدأ حياته في النصف الثاني من عقد السبعينيات الهجرية من القرن الفائت لاعباً بصفوف فريق أهلي الرياض -الرياض حالياً- عام 77-1378هـ ومثَّله موسماً كاملاً بدعم قوي ومباشر من رئيسه الكبير محمد الصائغ رائد الحركة الرياضية الأول بالمنطقة الوسطى.. وفي الموسم الذي تلاه انضم لفريق شباب الرياض -الشباب حالياً- ولعب في صفوفه حارساً كان يتمتع بمقومات الحراس البارزين من طول القامة والبنية الجسمانية القوية فضلاً عن سرعة ردة فعله الإيجابية.. كان - رحمه الله- ضمن أول جيل شبابي يحرز لقب كأس الملك سعود على مستوى المنطقة الوسطى عام 1380هـ، في لقاء جمع الشباب مع شقيقه الهلال وفاز شيخ الأندية بثلاثية نال خلالها لقب بطل الكأس لأول مرة.. كما اختير لتمثيل منتخب الوسطى في أوائل تلك الحقبة الفارطة.
- عايش (الدهمش) أول جيل يحرز للفريق الشبابي لقباً ذهبياً على صعيد المنطقة وهم.. عبد القادر شعبان ومحمد بن عاتق وسالم فيروز وحربان وصالح العدني وأحمد حريري والطيب ومحمد بن جمعة وعزيز مفتي ومساعد حبشي ويوسف وحمزة دينمو.. استمر مع هذه المجموعة وهم يقودون (شبابهم) المنتشي حتى عام 1385هـ، حيث توقف عن اللعب ليخوض تجربة جديدة في عالم التحكيم وكان وبشهادة نجوم رياضة الوسطى ومنهم سلطان بن مناحي ومبارك الناصر ونادر العيد وفهد بن بريك وسعود أبو حيدر.. واحداً من أبرز الأسماء التي تألقت في مضمار التحكيم حيث اتسمت شخصيته بالقوة وسرعة اتخاذ القرار والمتابعة الدقيقة لتمنحه الصفة الدولية بعدما نجح في قيادة لقاءات خارجية إلى بر الأمان خلال مسيرته في هذا المضمار التي امتدت قرابة 16 عاماً.. وبعد اعتزاله الصافرة وخلع قميص القانون رشح لرئاسة لجنة التحكيم عام 1413هـ، كان خلالها من أبرز الأسماء التي مرت على لجنة التحكيم نظراً لحنكته ونزاهته وشخصيته القيادية الفذة ومع النجاحات التي جسدها (الفقيد) لاعباً وحكماً.. اختير مديراً للمنتخب الوطني فدخل الأخضر معه عالم البطولات حين تأهل الجيل الذهبي للصقور الخضر في سنغافورة لأول مرة لنهائيات أولمبياد لوس أنجلوس وكذلك أحرز الأخضر كأس الأمم الآسيوية عام 1384هـ، كان أحد أسرار هذه الانتصارات الذهبية في مسيرة الأخضر العملاق ابن الوطن البار (فهد الدهمش) الذي بذل جهداً خارقاً وعطاء كبيراً وتضحيات جسيمة مع أبنائه اللاعبين الذين كتبوا أول إنجاز للوطن ثم توالت الإنجازات مع كل جيل يرتدي القميص الأخضر.. كما ارتبط اسم (فهد الدهمش) مع أول جيل يقود الأخضر للتأهل إلى نهائيات كأس العالم عام 1994هـ، في أمريكا.
وهكذا استمر الدهمش يخدم وطنه متنقلاً من موقع لآخر من خلال المهام التي تولاها في الرئاسة العامة لرعاية الشباب خلال عقود من الزمن كان خلالها مثالاً يُحتذى به في عطائه وإخلاصه وتضحياته وسلوكه الذي أكسبه علاقات واسعة مع الجميع إلى أن وافته المنية عن عمر يناهز 67 عاماً قبل شهر ونيف.. بعدما أفنى (50 عاماً) من عمره خدمة لوطنه لاعباً وحكماً وإدارياً حتى آخر يوم من حياته.. ويبقى الدهمش (فهد) -رحمه الله- الرجل الذي اشتهر بطيبته المتناهية وببساطته وعفويته وخلقه الرفيع يبقى بصمة في جدار الذاكرة الرياضية ومن الصعب على عوامل الزمن أن تلغي هذه الرموز المضيئة في سماء التاريخ الرياضي التليد.