جئتكم من مهوى قلوب المسلمين، من بلاد الحرمين الشريفين حاملاً معي رسالة من الأمة الإسلامية ممثلة في علمائها ومفكريها الذين اجتمعوا مؤخراً في رحاب بيت الله الحرام.
رسالة تعلن أن الإسلام هو دين الاعتدال والوسطية والتسامح.
رسالة تدعو إلى الحوار البنَّاء بين أتباع الديانات.
رسالة تبشر الإنسانية بفتح صفحة جديدة يحل فيها الوئام - بإذن الله - محل الصراع.
بهذه النبرة الصادقة، والاستعداد التام للانفتاح على الآخر.. والتوجه الحضاري المتضمن الطرح الحقيقي لموقف الإسلام والمسلمين من شركائهم في الحياة على هذه الأرض.
رسالة واضحة المعالم والمعاني عرضها (أمام الأمة) دون إضافة أو تحريف، رسالة الإسلام الحقة المبنية على الاعتدال والتسامح والوسطية في التعامل مع الأشياء..
رسالة من رجل مسؤول، من قائد يحمل مسؤولية خدمة الحرمين الشريفين ويحمل هموم أكثر من مليار وثلاثمائة مليون نسمة.
قائد أكد في موقفه ودعوته الإنسانية ومبادرته، أن هذه الهموم تتجاوز هموم المسلمين لتحيط بهموم كل البشرية، فالحوارات التي شهدتها جلسات المؤتمر العالمي للحوار في مدريد وما سيعقد فيما بعد من مؤتمرات مماثلة؛ تستهدف معالجة إشكاليات الصدام والصراع التي تعترض العلاقات الإنسانية بين أبناء البشرية جمعاء، دون النظر إلى انتماءاتهم الدينية والفلسفية.
فالملك عبد الله بن عبد العزيز يسعى من خلال عقد هذه المؤتمرات لتفعيل رسالة الديانات السماوية كما أرادها الله لإسعاد البشر، لا أن يؤدي التنافس والتنابز بين أتباع الديانات إلى إثارة النزاعات واندلاع الصراعات.
مؤتمرات تعالج النوازع التي تصدر من أتباع الديانات بسبب التطرف والغلو الزائد.
هذا الهم الإنساني الذي نقله خادم الحرمين الشريفين وتبناه ناقلاً إياه إلى ممثلي كل الديانات والفلسفات الإنسانية؛ حتى يتعاونوا جميعاً لاقتلاع بذور الشر من النفس البشرية، واستبدالها بزهرات الخير لإسعاد الإنسان الذي استهدفت الديانات خيره وسعادته.
تلك هي رسالة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز التي أبلغها إلى ممثلي البشرية جمعاء في مؤتمر مدريد، وهي رسالة الإسلام كدين والمسلمين كأتباع.. الرسالة الحقيقية التي تجسد سماحة الإسلام الداعية دائماً لتحقيق السلام عبر حوار يحترم فيه أتباع الديانات معتقدات الآخر دون إرجاف أو إجبار على تبني أفكار ومعتقدات غيره.
