مدريد - موفدا الجزيرة - سعد العجيبان - عبيد الله الحازمي
سادت الجلسة الرابعة للمؤتمر العالمي للحوار أجواء من الحماس كونها تركزت حول تقويم الحوار وتطويره.
وقد ترأس الجلسة الحاخام كلاوديو إيلمان، الأمين العام للمؤتمر اليهودي في أمريكا اللاتينية والكاريبي بالأرجنتين، وقدمت فيها أربعة بحوث لمناقشة المحور الرابع من محاور المؤتمر، وعنوانه: (تقويم الحوار وتطويره).
وفي بداية الجلسة، قدم رئيسها الشكر لخادم الحرمين الشريفين على هذه اللفتة التاريخية، وشكر رابطة العالم الإسلامي على تنظيم هذا المؤتمر، وأكد أن وحدة الأصل الإنساني ستساعد على إجراء حوار متكافئ.
وكان أول المتحدثين، مستشار رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة للشؤون الثقافية معالي الدكتور عز الدين إبراهيم مصطفى، وتحدث عن الحوار الإسلامي المسيحي واليهودي ومستقبله وآفاقه، وقدم شرحاً عن تجربته في منتديات الحوار خلال أربعين سنة، وعن الإخفاقات التي اعترته في مسيرته، مؤكداً أنه لا يبدد شبح التشاؤم بمستقبل الحوار إلا الأمل الجديد الذي حمل لواءه خادم الحرمين الشريفين في مؤتمر مكة المكرمة، ثم مؤتمر مدريد.
وأثار مستشار رئيس دولة الإمارات الجدل حين طرح تساؤلا وجهه للمشاركين من اليهود حين قال (هل الحوار جائز في الدين اليهودي أم لا؟)، وبين أن الحوار مع اليهود ممكن إذا لم يشمل الصهاينة ولا المحاربين، وفرق بين الحوار والتطبع، وبين الحوار السياسي والثقافي.
وعدد أنواع الحوار (الأكاديمي التبشيري المسيس الشبابي المناظرة) مبيناً إيجابيات وسلبيات كل نوع منها.
ورأى أن الدعوة الملكية تشتمل على أربعة مجالات للحوار:
التراث الإنساني المشترك وحماية الأسرة والبيئة.
الحوار بالعيش المشترك.
الحوار بالانفتاح على الآخرين.
تأكيد التعاون لتحقيق السلام العالمي.
وكان المتحدث الثاني الراهب شيوجنغ نائب رئيس الجمعية البوذية الصينية، الذي شكر الرابطة على إقامة هذا المؤتمر الكبير وعلى الموضوعات التي تم اختيارها للمناقشة، وثمن مبادرة خادم الحرمين الشريفين، وتحدث عن أهمية الدين كمقوم أساس للحضارات الإنسانية وعن المثل الإسلامية التي لفتت نظره مبرزاً قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}، كما تحدث عن المسيحية والبوذية ليصل إلى أن هناك قيماً مشتركة في جميع هذه الأديان، وذكَّر ببعض ما تعانيه البشرية من أزمات أخلاقية وبيئية واقتصادية تستدعي الإفادة من المشترك الإنساني في معالجتها، لأن خطرها يتهدد الجميع.
ثم تحدث عن الجانب الإيجابي للعولمة التي تظهر في التقارب بين الشعوب الإنسانية والذي وصل إلى حد الاندماج والانصهار، وأكد على دور الأديان في تحقيق السلام والسعادة للإنسانية، وأن الاصطراع باسم الأديان داخل الدين الواحد أو مع الأديان المختلفة ليس منسجماً مع حقيقة الأديان والواجب الاتجاه إلى تحقيق الانسجام والتفاهم بين أتباع هذه الأديان.
بعد ذلك عرض تجربة التعايش بين أتباع الأديان في الصين، وتحدث عن المؤتمرات والجمعيات التي عقدها الصينيون خلال السنوات الأخيرة سعياً لتحقيق السلام والانسجام.
ثم قدم المتحدث الثالث في الجلسة الأب نبيل حداد المدير التنفيذي للمركز الأردني لبحوث التعايش الديني خلاصة لدراسة أعدها أكد فيها على أهمية الحوار وأنه ضرورة حتمية، وليس ترفاً فكرياً، فقد غدا قيماً كونية لا غناء عنها، وأكد أن الأديان جميعاً تؤسس للحوار في أصولها ونصوصها ورأى أن الواجب إشاعة ثقافة الحوار مندداً بفكرة الصراع، وأكد على مبدأ التداول والتبادل الحضاري وأنه ينبغي أن يعرف كل منا الآخر مع ضرورة إعادة صياغة خطاباتنا السياسية والدينية والثقافية ضمن ثقافة التبادل الحضاري، وبين أن معاناة المجتمعات الإنسانية كانت بسبب ضعف الحوار خلال المرحلة السابقة، وأن الواجب أن تتعاون الدول والمنظمات والمرجعيات الدينية لوضع آليات علمية منهجية لاستثمار الحوار، ورأى ضرورة الخروج بالحوار من النخبوية ليصل إلى الجمهور، وأكد نبيل حداد أن من أهم معوقات الحوار انتشار الحروب وغياب العدالة.
وكان المتحدث الأخير في الجلسة فيديريكو مايور تراخوتا النائب في البرلمان الأوروبي ورئيس مؤسسة ثقافة السلام الذي تحدث عن الحوار وأثره في التعايش السلمي، وثمن مبادرة خادم الحرمين الشريفين الرائعة وإعلان مكة الصادر عن المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار، وأكد مستشهداًَ بكلام خادم الحرمين الشريفين أن الاختلاف لا يفترض الخلاف، وينبغي ألا يؤدي إلى الخلاف والتوتر، وبكلام الأمين العام للرابطة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بأن الإسلام يساوي بين البشرية.
واستعرض المبادرات المختلفة عن الحوار، التي صدرت من مختلف الجهات العالمية، وطالب بالانتقال من الأقوال إلى الأفعال في مد جسور التفاهم المتبادل، وإشاعة الأمل في البشرية التي تعاني من الفقر وغيره من الآفات هو الذي من يحمل الأمن بما يملكه من قيم حيوية، وقد خسرت البشرية بانجذابها إلى قيم السوق بدل قيم العدل والتضامن.
ودعا لاستخدام وسائل الإعلام في صياغة برامج عملية تبلور ما يدور في المؤتمر من أقوال مهمة مبيناً أن احتكار وسائل الإعلام في يد قلة يضيع فرصاً كثيرة في إشاعة الحوار والتعايش.
وقد علق الحاخام شناير على ما قدمه المتحدثون في الجلسة مشيراً إلى تنظيم حملة في أمريكا اشترك فيها أئمة مسلمون وأحبار يهود لمناهضة فكرة الإسلام فوبيا، وبين أنها ستعرض في وسائل الإعلام العالمية، ورأى أن الحوار ينبغي أن يتجه باتجاه البرامج العملية التي تهدف إلى تعميق التعايش السلمي.