بانكوك - (د ب أ):
عندما قفز سعر الأرز إلى 1000 دولار للطن الواحد في مايو الماضي وهو تقريباً ضعف سعره قبل خمسة أشهر من ذلك التاريخ اضطرت حكومات الدول الآسيوية إلى القيام بخطوة لم تقدم عليها منذ عقود وهي الاهتمام الجاد بالقطاع الزراعي الذي عانى من الإهمال على مدى سنوات اتجهت خلالها الأنظار نحو التنمية الصناعية وتطوير مشروعات البنية الأساسية اللازمة للصناعة وحركة التجارة داخلياً وخارجياً والخدمات دون أي اهتمام بالفلاحين الذين يزرعون الأرض منذ آلاف السنين.
والقطاع الزراعي الآسيوي شهد فترة ذهبية خلال الستينيات أثناء ما عرف باسم الثورة الخضراء التي استهدفت تطوير القطاع الزراعي كقاطرة لتطوير المناطق الريفية في أغلب الدول الآسيوية وذلك قبل أن تحقق تلك الدول معجزتها الاقتصادية خلال الثمانينيات والتسعينيات.
وتزامنت الثورة الخضراء في آسيا مع ظهور بذور عالية الإنتاجية للمحاصيل الرئيسة مثل الأرز والذرة والقمح وزيادة في الإنفاق العام على مشروعات البنية الأساسية في المناطق الريفية فازدادت إنتاجية القطاع الزراعي وأصبح الجوع شيئاً من الماضي.
وساعدت الضرائب المفروضة على القطاع الزراعي وبخاصة على الحاصلات التصديرية في تمويل عملية التحول الاقتصادي خلال الثمانينيات في اتجاه اقتصاد الصناعة والخدمات فقام الاقتصاد الحديث على أكتاف المزارعين الفقراء.
ويقول شاميكا سيريماني الخبير الاقتصادي في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة لمنطقة آسيا والمحيط الهادي: إن الحكومات تجاهلت القطاع الزراعي في تلك الفترة.
وأضاف أن الجانب المضيء في الأزمة الغذائية الراهنة التي تجتاح العالم هو أنها أجبرت الحكومات الآسيوية على إعادة التفكير في تطوير وتنمية القطاع الزراعي. فقد أثبتت الأزمة الحالية أنها أكثر من مجرد نقص مصطنع للمعروض في الأسواق ولا عمليات مضاربة على الأسعار لتحقيق الأرباح. فبشكل عام ستواصل أسعار المواد الغذائية ارتفاعها مادامت أسعار النفط ترتفع.
فالقطاع الزراعي يحتاج إلى الوقود لتشغيل الآلات الزراعية ونقل الإنتاج. كما يحتاج إلى الأسمدة الكيماوية التي تعتمد على النفط. ويرى خبراء أن أفضل وسيلة لكبح جماح أسعار الغذاء هي التركيز على زيادة إنتاجية القطاع الزراعي في آسيا لأنه سيؤدي زيادة دخل المزارعين وفي الوقت نفسه سيلبي الاحتياجات المتزايدة للمستهلكين.