أريد أن أطرح عليكم بعض الأسئلة قبل أن أدلف إلى موضوعي اليوم، هذه الأسئلة أراها حتمية لكي نشعر بفئة تعيش بين ظهرانينا دون أن نريها اهتمامنا أو نسترعيها عنايتنا حتى!
تخيلوا لو رُزق أحدكم بطفل منغولي (مصاب بمرض متلازمة داون) ماذا سيفعل؟
طبعاً الحمد لله على كل حال، ولكن أنا شخصياً لا أدري ماذا أقول. فمعلوماتي عن المرض شبيهة بمعلوماتي عن وكالة ناسا لأبحاث الفضاء، ولكن هل يجب أن يعرف كل واحد منا عن هذه الأمراض وغيرها؟
بالطبع لا، ولكن من يُبتلى بطفل مريض يجب أن يعرف.. أو بمعنى آخر يجب أن يجد جهة - كالمستشفيات مثلاً - تعرّفه بالمرض وترشد الأهل بكيفية التعامل مع هذا الطفل.
دعوني أطرح سؤالاً آخر: لو قيل لأسرة المريض إن ثمة جمعيات خيرية (ولكن بفلوس!) ترعى ابنكم المريض بهذا المرض؟ من المؤكد أن الأسر السعودية جميعها ستسارع لرعاية أبنائها حتى لو كلفها ذلك غالياً.
ولكن اسمحوا لي بالسؤال الأخير: ماذا لو قيل لك فعلاً هناك جمعيات لرعاية هؤلاء المرضى، ولكن عليك الانتظار ربما سنتين أو ثلاث سنوات حتى يصلك الدور.. وربما تتفاجأ بأن ابنك تم قبوله في برنامج التدريب على الرضاعة بعد أن يتجاوز الثلاث سنين؟!
الحقيقة أنا لا أنتظر إجابة؛ فالواقع الحالي ماثل أمامي، تعالوا لجمعية دسكا لأطفال متلازمة داون بالرياض؛ فعدد المنتظرين - وفقاً لمسؤول رفيع في الجمعية - بلغ 140 طفلاً، وهو رقم يفوق عدد المرضى المخدومين والمسجلين للعام الحالي، والسبب يعود إلى قلة هذه الجمعيات (فقط جمعيتان في العاصمة).
وحتى إن أردت الحصول على إحصائيات حول هذا المرض ومدى انتشاره في المملكة لن تجد ذلك في ظل تنامي هذا المرض وفق الإحصائيات العالمية؛ حيث يصل معدل ولادة طفل مصاب بمتلازمة داون إلى حالة واحدة لكل 800 طفل وليد. ويولد سنوياً في العالم ما بين 3 و5 آلاف طفل مصاب. ووصل عدد الحالات في الولايات المتحدة وحدها أكثر من 25 ألف حالة. بمعنى أن المرض منتشر على مستوى العالم ويحتاج إلى وقفة جادة. فقوائم الانتظار كبيرة في الجمعيتين اللتين ترعيان هؤلاء المرضى، وهما في عاصمة المملكة التي يزيد تعداد سكانها على 5 ملايين، فقط مركزان، فهل يعقل هذا؟ وكل مركز لا يزيد عدد الأطفال المخدومين فيه على 104 (جمعية دسكا مثلاً). وبالمناسبة أحيي هذه الجمعية الرائعة؛ فلقد اطلعت على موقعها الجميل عبر الإنترنت وجهود هذه الجمعية لا تحتاج إلى ثناء.
إذن المطلوب أولاً تثقيف العامة بهذا المرض، وزيادة الوعي خصوصاً في المستشفيات، ووضع أرقام مجانية للاستفسار عنه. وثانياً افتتاح مراكز وجمعيات أخرى وتخفيض رسوم التسجيل فيها، وتأمين مواصلات لأمهات المرضى. وأقترح تخصيص جزء من المبالغ التي تصرف في الجمعيات الخيرية خصوصاً الزكوات والصدقات لبناء مراكز خيرية لهؤلاء المرضى في العاصمة أولاً ثم التوسع في المناطق المحتاجة، لعل الله يرحمنا بهؤلاء.
mk4004@hotmail.com