في شهر رمضان من عام 1423هـ كانت الزيارة التاريخية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين لبعض الأحياء الفقيرة بالعاصمة الرياض، والتي كان من أبرز نتائجها تشكيل لجنة لوضع إستراتيجية وطنية لمعالجة الفقر بالمملكة، وبعد مرور ثلاث سنوات وبالتحديد في شهر جمادى الثاني من عام 1426هـ تم الانتهاء من إعداد النسخة النهائية للإستراتيجية الوطنية لمعالجة الفقر حسب ما ورد في الصحف والمجلات في تلك الفترة.واليوم ونحن في منتصف العام الهجري 1429هـ وما زالت مشكلة الفقر تمثل أكبر تحدٍ يواجه المجتمع وخاصة أن حجم المشكلة زاد بشكل متسارعٍ خلال السنوات الأخيرة متجاوزاً تلك الإستراتيجية التي جاءت لمعالجته، وما زالت تلك الإستراتيجية حبيسة الأدراج ولا يُعلم إلى أي اتجاه تسير، والواقع أن وزارة الشؤون الاجتماعية لم تقم بالدور المناط بها لمتابعة تنفيذ الصياغة المعدة لهذه الإستراتيجية وإخراجها لترى النور وليتنفس من خلالها الفقراء الصعداء، ومع تزايد مشكلة الفقر وتعقدها تزداد مسؤولية وزارة الشؤون الاجتماعية التي يجب أن تضع في أعلى سلم أولوياتها إنهاء هذه الإستراتيجية وتفعيلها واقعاً ملموساً، وهذا يتطلب أن تتحول مسؤولية هذه الإستراتيجية إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، وأن يسعى وزيرها الجديد لإعطاء هذه الإستراتيجية جل وقته وأن تكون هدفاً إستراتيجياً للوزارة خلال السنوات القادمة خاصة وأن الوزير الجديد ليس غريباً عن هذه الإستراتيجية بل هو ممن شارك في صياغتها خطوطها العامة عندما كان عضواً في فريق العمل المشكل لهذه الإستراتيجية، وأعتقد أن صياغة هذه الإستراتيجية ووضع آلياتها جهد كبير يحتاج من الوزير الجديد ألا تشغله القضايا الجزئية لوزارته والتي لن تنتهي ولن تحل إشكالاً بل قد تعقد الأمور أكثر مما يتوقع، وأن يستفيد من خبرته السابقة في فريق العمل ليواصل الخطى نحو تجهيز إستراتيجية متكاملة وفق مناهج علمية واقعية لمعالجة مشكلة الفقر التي أصبحت شبحاً يهدد أمننا الاجتماعي والوطني.