بانطلاق المؤتمر العالمي للحوار الذي بدأ أولى جلساته في مدريد، تكون الانسانية قد بدأت مرحلة مهمة، مرحلة مبهجة تختلف عن كل المراحل التي قطعتها الحضارة الانسانية.
فهذه المرحلة التي دشنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والتي مهد لها وتعهدها بالرعاية والمتابعة إذ أطلق مبادرته الخيرة والمبنية على قاعدة أخلاقية فلسفية منبثقة من الجذور الإسلامية للإنسانية وهي المحبة واحترام الآخر والخير والاعتدال والتسامح والوسطية وكلها أساسيات تولد مع ولادة الانسان، ولهذا فإن تحفيز هذه الوشائج واطلاقها من خلال آلية الحوار توظيف موفق من لدن المليك.
الأسس الأخلاقية والفلسفية والآليات التي اعتمدها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عند الاعلان عن مبادرته الرائدة، تعد مطمحاً إنسانياً كثيراً ما سعت المؤسسات الفكرية والدينية والفلسفية إلى تبنيها والعمل على تحقيقها، إلا أن عدم نضوج الفكرة بالاضافة إلى ضعف الاعداد، وعدم التمهيد وتهيئة الأطراف المشاركة في مثل حوارات معمقة ومهمة أدى إلى فشل واجهاض مثل هذه المبادرات قبل ذلك والتي تظل مطلباً ملحاً للانسانية.
هذه المرة استشعر الساعون لتحقيق الوئام والسلام بين الأديان والحضارات بعد تفعيل مبادرة الملك عبدالله بن عبد العزيز بأن الحوار بين هذه المكونات الانسانية الدينية والفكرية والفلسفية في طريقه لتحقيق الأهداف والطموحات والآمال الكبار في تجنيب البشرية ويلات الحروب والصدام والخلافات الدينية والفكرية وذلك بعد متابعتهم لخطوات الملك عبد الله بن عبد العزيز لتنفيذ مبادرته الرائدة والتي بدأت في اشاعة ثقافة الحوار داخل المجتمع السعودي ثم أرسى قواعد الحوار بين المسلمين أنفسهم ليتفق المسلمون ومن خلال المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار في مكة المكرمة على الثوابت التي سيلتزم بها المسلمون في حوارهم مع الآخر من أتباع الأديان والفلسفات الوضعية الأخرى.
هذا الاعداد وتكفل المليك بالرعاية والمتابعة أثمر عن عقد أهم وأكبر مؤتمر للحوار بين الأديان والحضارات وأصحاب الفلسفات فلم يحصل وأن التقى كل هذا العدد الكبير من العلماء والمفكرين والمثقفين من جميع الأديان والفلسفات التي تدين بها البشرية ولديه كل هذه الرغبة التي أظهرتها الاجتماعات ولابد من أن يحقق مثل هذا اللقاء تقارباً يقطع الطريق على أصحاب النظريات والأعمال الشريرة التي كانت تعمل على تدمير كوكب الأرض.
هذا المؤتمر الذي أعاد للأديان دورها كوسيلة لاسعاد الانسان من خلال تكامل دورها من خلال حوارات معمقة تشيع السلام وتؤسس للمحبة والوئام الذي يأمل العالم بأنه سيكون عنوان المرحلة القادمة.. وهذا ما كان يسعى ويهدف إليه خادم الحرمين الشريفين الذي أبلغ المؤتمرين بأنه يحمل لهم رسالة المسلمين من مكة المكرمة بأن الإسلام دين الاعتدال والوسطية والتسامح.. دين يعمل من أجل اشاعة السلام والمحبة.