ليس كالتربية، وسيلة للحد من انتشار المخدرات.
فمعظم المدمنين ثمرة فاسدة ل (سوء تربية عائلية بالدرجة الأولى)، إنهم في معظمهم حطام أسرٍ محطمة، اقتصادياً، وعاطفياً، وتربوياً..
لذا أرى إعطاء (الوقاية التربوية) الحيِّز الأكبر في عملنا الوطني التنويري.
إن الذين يخطِّطون لإغراق العالمين العربي والإسلامي بالمزيد من التخلّف الذاتي، والمكتسب، المتناميين باطرادٍ مدهش.. يلجأون إلى تقنية لا ترحم حتى الأطفال، ولمَّا يتركوا أرحام أمهاتهم، فهم يفتحون أعينهم على العالم، مع الآلام المبرِّحة التي يسببها لهم انقطاع مدد (الهيروين) الذي تتعاطاه أمهاتهم.
وتالياً: تجيء الصعوبات التي يواجهها (المراهق) في بيئةٍ أسرية غير آمنة - مضطربة، وممزقة، ومزعزعة، وجهولة، وملأى بالتناقضات.
علينا أن نعترف: أن الإيقاع السريع للتطور التكنولوجي (فاقم الفجوة) بين الآباء والأبناء.
حتى إنه لم يعد الآباء والأمهات (المرجعية الأساس) التي يُرجع إليها، ولا المصدر الأهم للمعرفة الحياتية، ومنظومة القيم.
وإن (الاستبداد..) الذي يسود حياتنا العربية - دينياً، واجتماعياً، وسياسياً.. - جعل (الإنسان) يتمركز حول ذاته.. ومع الزمن: تراجعت ثقافة الحوار، واحترام حق الإنسان، بالاختلاف.. وصار اللجوء إلى (العالم الخاص) سلوكاً شبه عام.
وهناك، هناك في (العوالم الخاصَّة) حيث الجدران الأكثر صفاقة، وحيث العتمة.. يكون السقوط الأخلاقي، مسيَّجاً بالصمت، إلى أن يتفاقم السقوط، فيتعرَّى الإنسان، ويفتضح..
ومع (الكبت الجنسي) وصعوبة الحصول على الشريك الحلال، تؤرّق الرذائل، وتثمر:
اللواط، والسّحاق، وشتى أنواع الشذوذ.
وثمة ضحايا لتصريف هذا (الكبت..) تتلقفهم شهوة المهرّبين، والمروِّجين، للمال الخسيس.
الحرية، جوهر الإنسان (متى استعبدتم الناس، وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً)، وحين يتم انتهاكها بشكل ممنهج، يلجأ الإنسان - حسب قواه - إما إلى المقاومة، أو إلى الهروب.
وما السفر إلى الخارج - سفر بلا محتوى إنساني نبيل - وما الإفراط في الرقص، والشغف بألعاب (الدوار) إلا التعبير الأرهف عن أزمة شبابنا الذي لم يُبن تربوياً بحرية جديرة بالإنسان الحر.
إن التربية الانفعالية المعافاة، تعطي (فعالية معافاة) وهذا ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم فلقد كانت (الخمرة) حبيبة إلى قلوب أكثر الصحابة، وعند تحريمها: أراقوها حتى آخر قطرة في دن.
ثمة أسباب للتعاطي، ولكل متعاطٍ (خصوصية) تملي عليه: التعاطي، نوعية - ودرجة - ويمكن إدراجها:
- سهولة توفر المخدر، والحصول عليه.
- مخالفة التقاليد والأعراف، والخروج على قيم المجتمع.
- الهروب من مشاكل الحياة.
- القلق الزائد، أو التوتر، أو الاكتئاب.
- تأكيد الذات (وخاصة عند الانفصاميين).
- التشبث الزائد بملذات الحياة، والخوف من عدم التمتع بالخبرات السارة.
- الرغبة، والخضوع لمجاراة (جماعة الرفاق!).
- التقليد الأعمى، والفضول في تجريب ما هو جديد.
- الأم المسيطرة، أو النابذة للأبناء، أو: المفرطة في الحماية، والرعاية.
- انخفاض تقدير الذات.
- الانتماء لبيئات منخفضة اجتماعياً (أمية، أمية ثقافية، أمية عاطفية..).
- عدم القدرة على مواجهة الصراعات، وإدارتها.
- ضعف القدرة على تحمل (الإحباط).
- سعياً للتغلب على نوازع جنسية مكبوتة.
- رغبة في الاستطلاع والتحقق..
- لإثارة غضب الوالدين.
- كتحد للتحريم الديني.
- دوافع لا شعورية، ذات رغبات اجتماعية.
- تدمير الذات.
- العدوانية، أو ما يُعرف: بالمازوشية (يجد لذة في العذاب والحرمان، ويستحث الآخرين على إيقاع الأذى به).
- الإصابة ببعض الأمراض النفسية (العصاب).
- بعض الأمراض العقلية (الذهان).
- عدم إشباع الرغبات من الناحية الانفعالية، والجنسية.
- توفر القدوات السيئة (المخدرات، ظاهرة ليست موروثة بقدر ما هي أسلوب متعلَّم عن طريق القدوة).
- إدمان الآباء، قد يؤدي إلى إدمان بعض الأبناء.
- الحزن، السوداوية، الاكتئاب، أو ما يُسمى ب (المتلازمة الهمودية).
- استبعاد الواقع.
- الفشل الدراسي.
- عدم التحكم بالاستجابات اللا إرادية.
- الخيالات المريضة.
- ضعف مهارات التواصل مع الآخرين.
- عدم القدرة على اتخاذ الاختيارات المناسبة.
- الإخفاقات المتكررة.
- التلوث الفكري.
- عدم امتلاك، العقل النقدي...
- انعدام الهوية - الخمول.
- القطيعة النفسائية.
- ضعف الوازع الديني.
- سيادة قيم (المجتمع الاستهلاكي)، حيث تهدم (المصلحة) كل عاطفة في العلاقات الإنسانية.
- إعطاء الأولوية لعلاقات العنف، ولقوانين الغابة.
- الانفصام الموجود بين المستويات العمرية (أعني بين الصغار والكبار).
- سوء إدارة الخلاف بين الآباء والأبناء.
- بتأثير من السائق، والخادمة، والعمالة الرثة..
- الطلاق (العاطفي والبائن..).
- الإعلام (الرسائل الخاطئة..).
- الحروب.. والكوارث.
- بتأثير مشاهد الدراما، والفن - الإثارة.
- النقص في وسائل الترويح الذكية، وقضاء وقت الفراغ.
- احتراف القمار.
- العنوسة.
- الفشل في الحب.
- القنوط الذي قد يسببه بلوغ المرأة سن اليأس.
- عندما يتوفر لبعض النساء متسع من الوقت، وليس لها عمل، والزوج مشغول وليس لها أبناء.. مع حب المغامرة والتحدي.
- إجبار الزوج للزوجة بمشاركته تعاطي المخدرات.
- البطالة، وانعدام الفرص للارتزاق الحلال.
- الاستعلاء حدَّ التألُّه..
- الإخفاقات المتكررة في الحياة (اقتصادية، دراسية، عائلية، اجتماعية).
- الاضطهاد الاجتماعي.
- أوهام الأدباء والفنانين، وأنه يساعد على الإبداع.
- الشخصية المفككة.
- عدم محبة الأبوين والتنكر لهما وقلة احترامهما والخروج على سلطة الأبوين.
- التقلّب العاطفي (يكره بسرعة، ويحب بسرعة).
الانتقال المباغت في المواقف من النقيض، إلى النقيض.
- عدم القدرة على التحكم في العواطف، والغرائز، والدوافع.
- الاكتفاء الذاتي (يحس بأنه يعرف كل شيء، وأنه لا يحتاج لمن حوله أبداً).
- النزعة إلى الإجرام والسرقة.
- الكذب والغش والغرور الشديد في النفس.
- مركَّب النقص، ومركَّب العظمة.
- الرغبة في الفرفشة والشرود والراحة والنسيان وتحقيق الإثارة.
- تناول الأدوية دون وصفة الطبيب.
- الأجواء الملوّثة في الشقق الخاصة والشاليهات التي تمارس فيها الرذيلة.
- الخروج من الأسرة دون إذن وعلم الأسرة.
- التأخر خارج المنزل لساعات طويلة.
- الجلوس في الأماكن المهجورة والبعيدة.
- الحفلات الصاخبة دون رقيب.
- الإنترنت وما يردد فيها من معلومات مضلِّلة.
- ازدواجية الأشخاص الذين كثيراً ما يعتبرون: - قدوة تُحتذى كالأطباء المدخنين، والمتعاطين للمسكرات..
لا مناص...
ونحن نستجيب لهذا التحدي الذنبي.. (المخدرات) لا بد من أن نشتغل حفراً وتنزيلاً على كل البوابات التي تجعل عبور هذا (المميت) إلى شبابنا وشاباتنا ممكناً.
ليكن تخصصنا - في الجمعية الوطنية الخيرية، للوقاية من المخدرات - الدقيق: بث ثقافة، تزاوج بين الإثارة والإنارة.. متوسلين إلى ذلك: - كل ما تفتق عنه الذهن الإنساني من وسائل
كاللوحة، والمنحوتة، والقصة، والقصيدة، والنشيد، والمسرح،.. ، إلخ.
ومن قبل: (الأسرة، والمسجد، والمدرسة) لنصل إلى رؤوس شبابنا وشاباتنا، مسهمين - وبمحبة - بصوغ وعي يجعل (إنساننا) عصياً على التعاطي لتلك المواد المخدرة، المجهولة المصدر، والمجهولة التركيب، والمصنعة بمصانع أعداء لنا، لا يريدون لنا الخير بحال، وممتنعاً عن التفاهة، والانحطاط، وهدر طاقاته الخلاَّقة في العبثية، والمجون الذهني، واللا جدوى.
دون تجاهلٍ لأدواء البيئة، وما تحمله لنا (العولمة) من خطايا توفر المناخ الجاذب للتعاطي.بظل مشروع نهضوي تنويري وطني، يتسامى الإنسان إلى فوق، حيث يصبح ضنيناً بطاقاته أن تذهب عبثاً؟!
ما نحتاجه لكي نسهم في الحضارة الإنسانية، عقل لا يكف عن اجتراح الإبداع..
أما تغييب العقل فهو الطريق الأقصر، إلى: - ومالي لا أقولها - المقبرة!!
(من حذَّر، كمن بشَّر).