ندرك جميعاً بأن إسرائيل قامت سنة 1948م على الأرض الفلسطينية بدعم قوي من اللوبي الصهيوني حول العالم، وبالرغم من قرار التقسيم الذي صدر من هيئة الأمم المتحدة الذي يعطي الفلسطينيين جزءاً من فلسطين أفضل مما يتم التفاوض عليه اليوم..
.. إلا أن هذا اللوبي كان يخطط بأن تكون مساحة إسرائيل من النيل غرباً إلى الفرات شرقاً، ومما يدل على ذلك قيام إسرائيل باحتلال ما تبقى من فلسطين سنة 1967م وهو الضفة الغربية وقطاع غزة وصحراء سيناء وهضبة الجولان واحتفاظ إسرائيل بهذه المناطق لسنين طويلة حتى الآن ما عدا صحراء سيناء التي انسحبت منها بعد مفاوضات مريرة وبعد أن حصلت إسرائيل على اعتراف مصر وهي إحدى الدول العربية الفاعلة بها وأقامت سفارة لها في القاهرة وسفارة لمصر في تل أبيب.
إن استمرار إسرائيل في الاحتفاظ بالأراضي الفلسطينية من سنة 1967م حتى الآن رغم صدور قرارات مجلس الأمن الدولي بعد حرب 1967م مباشرة بضرورة انسحابها من الأراضي المحتلة، ورغم الجهود التي بذلت لإحلال السلام بين إسرائيل والفلسطينيين ومن ذلك:
- المؤتمر الدولي الذي عقد في مدريد سنة 1991م وحضره الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش والرئيس السوفيتي آنذاك جورباتشوف وعدد من زعماء الدول العربية وإسرائيل ووزراء الخارجية في بعض الدول العربية والذي يهدف إلى إحلال السلام في الشرق الأوسط.
- جهود الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون التي بذلها وبصدق حيث رمى بكل ثقله في سبيل الوصول إلى حل القضية وإقامة الدولة الفلسطينية حتى آخر ثلاثة أيام من حكمه الذي انتهى في العشرين من يناير سنة 2001م لولا إصرار إسرائيل على إقامة هيكل سليمان تحت المسجد الأقصى المبارك وعدم قبول الفلسطينيين بذلك لما يحمله المسجد الأقصى من قدسية للمسلمين جميعاً.
- المبادرة التاريخية التي طرحها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - لإحلال السلام بين العرب وإسرائيل والمبنية على مبدأ الأرض مقابل السلام والتي تدعو إلى انسحاب إسرائيل من بقية الأراضي المحتلة سنة 1967م بما فيها القدس الشريف مقابل اعتراف العرب بها والتعايش معها. إلا أن إسرائيل رفضت هذه المبادرة وهو دليل آخر على عدم رغبتها في السلام وتبنيها لسياسة التوسع رغم أن هذه المبادرة قد صدرت من محور عربي مهم وهو المملكة العربية السعودية المعروفة بسياستها المتزنة والمتعقلة.
- خطة الطريق التي وضعت من اللجنة الرباعية المؤلفة من الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي وهيئة الأمم المتحدة والتي تهدف في النهاية إلى إحلال السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وقد رحب الفلسطينيون بهذه الخطة أما إسرائيل فلم تتفاعل معها كعادتها حيال مشاريع السلام حيث طالبت كشرط سبق بإيقاف ما أسمته بالإرهاب الفلسطيني تجاهها.
- جهود الرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش الابن عندما أعلن عن ضرورة قيام دولة فلسطينية سنة 2005م ثم أجّل ذلك بسبب تعنت إسرائيل إلى سنة 2009م ودعوته لعقد مؤتمر أنابوليس وقد بذل مع بداية سنة 208م وهي آخر سنة له في الحكم جهوداً واضحة، فقد قام بزيارة إسرائيل وأراضي السلطة الفلسطينية ودولاً عربية فاعلة ومنها المملكة ومصر، وقد بدأت بعد رحيله من المنطقة محادثات إسرائيلية فلسطينية كانت في البداية علنية ثم تحولت إلى سرية، وقد لاحظ الفلسطينيون أثناء هذه المفاوضات تلكك إسرائيل فيها وعدم جديتها في بحث القضايا الجوهرية كالقدس وعودة اللاجئين وحدود الدولة الفلسطينية، إضافة إلى قيام إسرائيل بالإعلان عن اتهام رئيس الوزراء أولمرت في قضايا فساد مالي والذي قد يكون الهدف منه تعطيل هذه المفاوضات وعدم نجاحها، وتصريحات الرئيس الأمريكي بأنه لن يضغط على إسرائيل بقبول صيغة معينة للحل لكونها الأدرى بظروف أمنها بالإضافة إلى توسع إسرائيل في مشاريع الاستيطان في الأراضي الفلسطينية وبالذات في مدينة القدس الشرقية وانشغال الولايات المتحدة وإسرائيل بقضية المفاعل النووي الإيراني. وهو ما أدى إلى الإحباط لدى الفلسطينيين والذي يتبين من تلويح الرئيس الفسطيني محمود عباس مؤخراً بالاستقالة ودعوته الأخيرة للم وحدة الفلسطينيين، فهل يعني ذلك أن فكرة الدولة الفلسطينية التي أعلنها الرئيس الأمريكي الحالي سنة 2001م ووعد بقيامها سنة 2005م ثم سنة 2009م بدأت تتبخر وتتلافى وبخاصة مع قرب نهاية حكم الرئيس جورج بوش.
إذاً فإنه إذا كانت تلك هي القناعة لدى الفلسطينيين فليس أمامهم إلا إعادة وحدتهم لأن انقسامهم الحالي يخدم إسرائيل أكثر مما يخدمهم، كما عليهم نبذ أعمال العنف لأن ذلك سيبقى مبرراً لإسرائيل أمام العالم في عدم اندفاعها نحو السلام، ولأن أعمال العنف التي يقوم بها بعض الفلسطينيين لن تحقق لهم شيئاً، ولن تحرر لهم أرضاً، بل إن البديل هو العمل على إيجاد إستراتيجية سلمية يحرجون بها إسرائيل ويدفعونها نحو السلام.
Asunaidi@mcs.gov.sa
فاكس (4032285)